لقد كانت تحركات الجيش الإسلامي من المدينة حتى بدر مناورة رائعة ناجحة أثبت بها وجوده وأعطى الدليل القاطع لأعداء الإسلام (داخل المدينة وخارجها) أنه أصبح أقوى قوة مرهوبة، لا في منطقة يثرب فحسب بل في جزيرة العرب بأجمعها.
ولا أدلّ على ذلك من أن جيش مكة، وهو من أعظم الجيوش في الجزيرة من حيث كثرة العدد وقوة التنظيم وجودة التسلح قد هاب الجيش الإسلامي ونكل عن حربه بعد أن خرج للقائه بموجب ميعاد سابق حدده (في تحدٍّ) قائد عام جيش مكة نفسه.
ولا شك أن حملة بدر (الآخرة) التي قادها النبي - صلى الله عليه وسلم - قد كانت تحديًا صارخًا مهينًا لمعسكر قريش الوثنى، كما أنها كانت - كذلك - بمثابة إرهاب وتأديب لجميع القبائل العربية المعادية للإسلام، والتي كانت - بعد ما أصاب المسلمين في أحد - تحدث نفسها بالاعتداء عليهم.
فقد لزمت قريش الهدوء ولم تقم بأية حركة عسكرية ضد المسلمين بعد حملتهم هذه التي قاموا بها إلى بدر حتى موقعة الأحزاب الفاصلة التي اشتركت فيه أكثر القبائل العربية المشركة.
ومما يدل على نجاح المناورة الكبيرة التي قام بها الجيش الإسلامى حتى بدر وأن المنطقة الشاسعة الممتدة من المدينة حتى بدر وما حواليها أصبحت تخشى بأس المسلمين، بعد أن كان زعماؤها يعدون العدة لسحقهم، هو أن مخشى بن عمرو الضمرى أحد زعماء قبائل منطقة بدر