المسلمون فارس قريش عمرو بن عبد ودّ- حتى انسحاب الأحزاب نهائيًا.
ولكن الأحزاب، إذا كانوا قد أوقفوا عمليات المغامرة عن طريق قفز الخيل عبر الخندق، فإنهم من ناحية أُخرى قد شددوا الحصار على المسلمين وضاعفوا من عمليات الضغط عليهم، فكأنهم أرادوا الاعتماد على حرب الأعصاب المرهقة عن طريق إرهاب المسلمين وإزعاجهم والجلب عليهم بالخيل والرجل وكل وسائل الإعنات والتخويف لعل ذلك يوهن من قوة المسلمين المعنوية التي هي السلاح الوحيد الرئيسى الذي بقى في أيديهم أمام هذه الجيوش الهائلة الجبارة التي تطبق عليهم من كل مكان.
(وفعلًا) لقد تقاطرت البلايا (من جديد) وتضخمت متاعب الجيش الصغير القابع وراء خطوطه خلف الخندق وكأنه نقطة يابسة بيضاء وسط بحر محيط هائج أسود، وبلغ الكرب والضيق والشدة (من جديد) بالرسول وصفوة أصحابه الأوفياء مبلغًا عظيمًا لم يكن ليصمد معه ويثبت إلا من كان على مستوى محمد - صلى الله عليه وسلم - وصحبه الأبرار (رضي الله عنهم)، إيمانًا وعزيمة وثقة بالله واطمئنانًا بوعده.
[الفقر والجوع في الجيش الإسلامي]
ولقد كان المسلمون -بالإضافة إلى المتاعب والمحن والكروب التي سببها لهم هذا الحصار الخانق الرهيب- يعانون متاعب كبيرة أخرى مصدرها حالة الفقر والعوز التي كانوا عليها في ذلك الظرف مع عوامل الطبيعة القاسية من برد قارص يلسع أجسادهم شبه العارية، وهم