للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الانكسار والتراجع، تعرَّض الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهو يواجه ذلك الموقف الصعب - لمحاولة اغتيال شريرة، فقد اغتنم أحد الموتورين من قريش فرصة انكشاف المسلمين فقرر اغتيال الرسول - صلى الله عليه وسلم - انتقامًا لمقتل أبيه يوم أحد على أيدى المسلمين، وكان أبوه حامل لواء المشركين يوم أحد.

وهذا الرجل الذي أضمر اغتيال الرسول - صلى الله عليه وسلم - هو شيبة بن عثمان بن أبي طلحة العبدرى حامل مفتاح الكعبة وكان ضمن من أسلم يوم الفتح ولمَّا يدخل الإِيمان في قلبه. ولكن الله تعالى منع رسوله - صلى الله عليه وسلم - من تلك المؤامرة الشريرة وحماه منها.

فقد تحدث المخطِّط لهذه المؤامرة نفسه بعد أن حسن إسلامه فقال: قلت: اليوم أدرك ثأر أبي. اليوم أقتل محمدًا. قال: فأردت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأقتله، فأقبل شيء حتى تغشَّى فؤادى فلم أطق ذلك وعلمت أنه قد مُنع منى (١).

[حديث المؤرخين عن الهزيمة]

أما هزيمة المسلمين عند الصدمة الأولى وقت الفجر فقد أجمع المؤرخون وأصحاب الحديث على أنها كانت هزيمة مخيفة لم يثبت عندها أحد من المسلمين إلا الرسول - صلى الله عليه وسلم - ومائة فقط من هيئة أركان حربه وهم خلصاء أصحابه كلهم من سادات المهاجرين والأنصار. وكان وصف المؤرخين والحديث للهزيمة مقتضيًا ليس فيه كثير تفصيل. ونحن نذكر هنا ما جاء فيما بين أيدينا من أمهات التاريخ من وصف لهذه الهزيمة:

قال ابن إسحاق: حدثني عاصم بن عمر بن قتادة عن عبد الرحمن بن جابر عن أبيه جابر بن عبد الله قال:

لما استقبلنا وادي حنين انحدرنا في واد من أودية تهامة أجوف خَطوط (٢)، إنما ننحدر فيه انحدارًا. قال: وفي عماية الصبح، وكان القوم قد سبقونا إلى الوادي، فكمنوا لنا في شعابه وأحنائه ومضائقه، وقد أجمعوا وتهيأوا وأعدوا


(١) تاريخ الطبري ج ٣ ص ٧٥ وسيرة ابن هشام ج ٤ ص ٨٧.
(٢) خطوط: بفتح الخاء: منحدر.

<<  <  ج: ص:  >  >>