وخانوا وغيّبوا وكتموا (١)، الأمر الذي أباح للنبي - صلى الله عليه وسلم - دماءهم وأموالهم كما تنص عليه اتفاقية الجلاء صراحة.
غير أن النبي - صلى الله عليه وسلم - (بالرغم من نقض اليهود العهد وإبطال مفعول الاتفاقية بالخروج على نصوصها كما تقدم، لم يقتل اليهود ولم يسترق نساء وذرارى سوى رجلين اثنين هما (كنانة بن أبي الحقيق وأخوه الربيع) اللذان وقعا الاتفاقية بالنيابة عن اليهود. أما بقية اليهود وهم عدة آلاف فلم يتعرض لهم بأذى إذ أعفاهم من عقوبة النكث ونقض العهد، لأن المسؤول الأول عن هذا النكث والنقض والغدر إنما هما (كنانة بن أبي الحقيق وأخوه الربيع).
السماح لليهود بالإِقامة في خيبر:
إلا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تنفيذًا لاتفاقية التسليم قرر إجلاء اليهود عن خيبر، فلم يعارض اليهود في ذلك، إلا أنهم تقدموا إلى النبي القائد - صلى الله عليه وسلم - بعرض من طلبوا فيه أن يسمح لهم بالبقاء في خيبر في ظل حكم الإِسلام، ليعملوا كأجراء في أرض خيبر للعناية بمزارعها وبساتينها وتوثى فلاحتها مقابل جزء من محصولها يعطى لهم يتفق عليه الفريقان.
فقد جاؤوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -. بعد أن علموا أنه سيخرجهم من خيبر ققالوا: يا محمد نحن أعلم منكم بخيبر، دعونا نكون فيها نعمرها لكم بشطر ما يخرج منها.
وقد راقت هذه الفكرة للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقبل عرض اليهود فسمح لهم بالبقاء في خيبر وأبرم معهم اتفاقًا خلاصته أن يقوموا بعمارة الأرض واستصلاحها وعمارتها على أن يكون لهم مقابل ذلك نصف ما تخرجه أرض خيبر من ثمار، على أن يكون من حق المسلمين إخراج اليهود من خيبر متى شاؤوا.
(١) انظر زاد المعاد ج ٢ ص ٣٣٢ والبداية والنهاية ج ٤ ص ١٩٩ وسيرة ابن هشام ج ٢ ص ٣٣٦ ومغازى الواقدي ج ٢ ص ٦٧٢ وإمتاع الأسماع ص ٣٢٠ والسيرة الحلية ج ٢ ص ١٦٧ وطبقات ابن سعد الكبرى ج ٢ ص ١١٢.