للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- صلى الله عليه وسلم -: ويلك ومن يعدل إذا لم أعدل. لقد خبتُ وخسرتُ، إذ لم أعدل فمن يعدل؟ فقال عمر بن الخطاب: يا رسول الله إيذن لي فأضرب عنقه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: دعه فإن له أصحابًا يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرّمية، ينظر إلى نصله فلا يوجد فيه شيء ثم إلى رصافه (١) فلا يوجد فيه شيء، ثم ينظر إلى نصله (وهو قدحه) فلا يوجد فيه شيء ثم ينظر إلى قذذه (٢) فلا يوجد فيه شيء، قد سبق الفرث والدم آيتهم رجل أسود إحدى عضديه مثل ثدى المرأة أو مثل البضعة، تدردر، ويخرجون على حين فرقة من الناس. قال أبو سعيد: فأشهد أني سمعت هذا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأشهد أن علي بن أبي طالب قاتلهم وأنا معه، وأمر بذلك الرجل فالتمس فأتى به حتى نظرت إليه على نعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي نعته. قال ابن كثير: ورواه مسلم أيضًا من حديث القاسم بن الفضل عن أبي نضرة عن أبي سعيد به نحوه (٣).

[عتاب الأنصار للرسول بشأن الغنائم]

كان الأنصار (الأوس والخزرج) منذ بيعة العقبة الكبرى وهي (حسب التعبير العصرى) المعاهدة العسكرية التي أبرمت بين الرسول - صلى الله عليه وسلم - والأنصار. وتعهدوا فيها بحماية الرسول - صلى الله عليه وسلم - كما يحمون نساءهم وأنفسهم وأطفالهم .. كان هؤلاء الأنصار (دائمًا وأبدًا) العمود الفقرى للجيش النبوي في أية معركة ضد أعداء الإِسلام، وكانوا هم الذين آووا الرسول - صلى الله عليه وسلم - وتحملوا مسؤولية حمايته بعد أن هاجر إليهم، مع علمهم بأنهم بذلك يعادون الجزيرة العربية كلها التي كان سكانها يوم ذاك مشركين معادين للتوحيد.

وعلى موقف الأنصار النبيل هذا إزاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن هاجر معه من


(١) الرصاف (بكسر الراء): عقب يلوى على مدخل النصل، كذا قال في النهاية في غريب الحديث.
(٢) القذذ (بضم القاف وفتح الذال): ريش السهم.
(٣) البداية والنهاية ج ٤ ص ٣٦٣ ومغازي الواقدي ج ٣ ص ٩٤٨ - ٩٤٩ وتاريخ الطبري ج ٣ ص ٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>