العام بين جميع وحدات جيشه المرابطة في الحديبية لتكون على أهبة الاستعداد لمناجزة المشركين بالزحف على مكة.
فقد عمّ الذعر صفوف المشركين وانتاب قادتهم الخوف والفزع للقرار الحاسم الذي اتخذه النبي - صلى الله عليه وسلم - بمحاربة قريش، وصار لذلك هم سادات المشركين محصورًا في إيجاد وسيلة لإبعاد شبح الحرب ولإحلال السلام بين الفريقين، وهو ما ظلّ النبي - صلى الله عليه وسلم - يدعو إليه (صادقًا) طيلة عشرين يومًا، وتأباه قريش وترفضه في غطرسة بغيضة.
فبعد أن كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يسعى في تحقيق السلام فيبعث بالمبعوث تلو الآخر إلى قريش لتحقيق هذه الغاية، تغير الموقف عكسًا وانقلبت قريش نفسها تسعى جاهدة طالبة إحلال السلام، وانتهت مساعيها (وهي لا تكاد تصدِّق) إلى إقامة صلح بينها وبين المسلمين تحقن بموجبه الدماء وتضع الحرب أوزارها لمدة عشر سنين، ويُمكن المسلمين بموجبه من دخول مكة وزيارة البيت الذي حرموا زيارته طوال سبع سنوات كاملة.
[سبب اتخاذ النبي القرار بإعلان الحرب]
أما سبب التحوّل الفجائي الحاسم في موقف المسلمين نحو الحرب، فهو أن النبي صلى الله عليه وسلم قد بعث كما تقدم (ضمن مساعيه السلمية) عثمان بن عفان إلى مكة لإبلاغ قريش حقيقة نوايا المسلمين السلمية، وأنهم لا يرغبون في الحرب، ومحاولة إقناع قريش بالتخلي عن مواقفها المتصلفة المشبعة بروح الحرب الظالمة، كي يتاح للمسلمين أداء مناسكهم وإبلاغ الهدي محلَّه.