للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجهه الكريم بفعل أيديهم الباغية .. "اللهم اهد قومى فإنهم لا يعلمون"؟ وأليس هو الذي قال يوم الحديبية - وقد خرجت قريش، وكانت قوية منيعة. خرجت بكل ما لديها من قوات لمحاربته ومنعه بحد السيف وصده عن البيت الحرام- ... "والله لا تدعونى قريش إلى خطة يسألونى فيها صلة الرحم إلا أعطيتهم؟ ؟ ".

محاولات إقناع أبي سفيان باعتناق الإِسلام طوعًا

كان العباس بن عبد المطلب يحرص كل الحرص على أن يهدى الله صديقه أبا سفيان بن حرب فيعتنق دين الإِسلام، لما في ذلك من فوائد عظيمة يعم نفعها لا أبا سفيان وحده، بل أهل مكة جميعًا، لأن أبا سفيان سيد قريش وصاحب الكلمة الأولى فيها. وخاصة بعد أن اختارته مندوبًا عنها وجعلت مصيرها بيده حين كلفته أن يفاوض عنها الرسول القائد - صلى الله عليه وسلم -.

وإسلام أبي سفيان سيكون ذا أثر حاسم في مجريات الأمور لصالح الجميع، لا سيما قريش التي يقف على أبواب مدينتها عشرة آلاف من المسلمين، كلهم مستعد لاقتحامها بحد السيف وقتل من يعترضه من أهلها.

واقتحام مكة عنوة أمر لا مفر منه إذا ما أصر المتطرفون في مكة على مقاومة الجيش الغازى بالسلاح.

والاقتحام عنوة يعني حدوث. مجزرة رهيبة بين القرشيين لا يرغب رسول الرحمة ومخفف آلام البشرية أن تحدث، كما أن وسيط السلام العباس بن عبد المطلب قد انتابه الفزع وخشى على قومه في مكة أن يكونوا عرضة، لهذه المجزرة عندما خاطب نفسه "وهو يرى كتائب الجيش النبوى كالبحر ترابط على مشارف مكة": "يا صباح قريش والله لئن بغتها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بلادها فدخل مكة عنوة، إنه لهلاك قريش آخر الدهر" (١).

ولهذا كان العباس - منذ أن عبّر عن مخاوفه على قومه في مكة بتلك


(١) تاريخ الطبري ج ٣ ص ٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>