للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبد الله بن أُبيّ وأشعر يهود خيبر بذلك، وطلب منهم أن يستعدوا ويأخذوا حذرهم، وصار يرفع من معنوياتهم بالتهوين من شأن قوة المسلمين والإشادة بقوات أولئك اليهود، وذلك في رسالة مستعجلة بعث بها أحد أعوانه إلى خيبر، ومما جاء في هذه الرسالة:

"إن محمدًا سائر إليكم فخذوا حذركم وأدخلوا أموالكم حصونكم واخرجوا لقتاله، ولا تخافوا منه، إن عددكم أكثر، وقوم محمد شرذمة قليلون عُزَّل لا سلاح معهم إلا القليل" (١).

[استعداد اليهود للمواجهة]

لقد كان يهود خيبر منذ فشل خطة غزو الأحزاب التي هي من وحى اليهود وتدبيرهم في السنة الرابعة من الهجرة- يتوقعون أن يقوم المسلمون بتأديبهم عن طريق حرب وقائية شاملة، ولذلك كانوا يستعدون للمواجهة (بصفة عامة)، إلا أنهم ما كانوا يعلمون (على وجه التحديد) متى سيتحرك النبي - صلى الله عليه وسلم - بجيشه لغزوهم.

إلا أنهم بعد أن تلقوا -عن طريق عملائهم المنافقين في المدينة- التفاصيل الدقيقة عن مدى قوة المسلمين، أخذوا في التهيؤ والاستعداد للمواجهة وعلى أوسع نطاق وبصورة أكثر جِدّية.

فحشدوا كافة قواهم العسكرية واتخذوا كافة الإجراءات التي يرونها ضرورية لمواجهة الغزو.

والمتتبع لأسلوب استعداد يهود خيبر للحرب، يتضح له أن خطتهبم الأساسية كانت خطة دفاعية محضة بالرغم من تفوقهم على المسلمين تفوقًا ساحقًا في كل شيء مادى.

فبالإضافة إلى إعطاء حصونهم وقلاعهم -المنيعة والحصينة أصلًا- مزيدًا من القوة والتحصين أخلوا كل الحصون والقلاع الأمامية من الذرارى والنساء ونقلوهم إلى حصون خلفية، قرروا بموجب خطة المواجهة التي وضعوها أن تكون هذه الحصون الخلفية خط الدفاع الثاني، إذا ما اجتاح


(١) السيرة الحلبية ج ٢ ص ١٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>