للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخائنة، فقد هم بنو حارثة من الأَوس (١) وبنو سلمة من الخزرج, بالانسحاب والعودة إلى المدينة، متأَثرين بوساوس ذلك المنافق الكبير.

وكادت تكون كارثة لو أَنهم انسحبوا وخذلوا نبيهم، غير أَن الله تولى هاتين القبيلتين فثبتهما، فعدلتا عن الانسحاب، واستمرتا على ولائهما للرسول - صلى الله عليه وسلم - حتى نهاية المعركة، وهاتان القبيلتان هما اللتان عناهما الله تعالى بقوله: {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} (٢).

[محاولة نصح المتمردين]

ولقد حاول أحد زعماء الخزرج البارزين (وهو عبد الله بن عمرو بن حرام) (٣) حاول إقناع هؤلاء المنافقين بالعدول عن الانسحاب والثبات مع المسلمين، مذكرًا إياهم، أن عملهم هذا مخالف لأَبسط قواعد الشرف والرجولة , حيث يخذلون نبيهم وإخوتهم في الوقت الذي أحاطتهم فيه الأَخطار من كل جانب.


(١) الأوس (بضم الهمزة وسكون الواو)، والخزرج (بفتح الخاء وسكون الزاي وفتح الراء) اسما رجلين وهما جدّا الأنصار، وهما ابنا حارثة بين ثعلبة بن عمرو (مزيقياء) بن عامر (الملقب بماء السماء) بن حارثة - (الغطريف) بن امرئ القيس (البطريق) بن ثعلبة بن مازن بن الأزد بن الغوث بن نبت بن مالك بن كهلان (أخو حمير) ابن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان. كان موطن (الأوس والخزرج) بلاد اليمن، فهاجروا إلى يثرب (بالحجاز) فصارت لهم موطنًا، وقد دارت عدة معارك شهيرة (في الجاهلية) بين هاتين القبيلتين في يثرب، ولما جاء الإسلام قام النبي صلى الله الله عليه وسلم بتصفية كل ما بينهما من خلافات وآخى بينهما فصارا من أعظم العناصر الفعالة في نصر الإسلام وتأييد الرسول، ولهذا أطلق عليهم اسم الأنصار.
(٢) آل عمران ١٢٢.
(٣) ستأتي ترجمته.

<<  <  ج: ص:  >  >>