للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان دريد قد ذُكر بالفروسية والشجاعة، ولم يكن له عشرون سنة، وكان رئيس بني جشم وسيدهم وأوسطهم نسبًا، ولكن السن أدركته حتى فنى فناء- وهو دريد بن الصمة بن بكر بن علقمة بن جداعة بن غزيّة بن جشم بن معاوية بن بكر بن هوازن (١).

وهكذا نجح الشاب القائد ملك هوازن مالك بن عوف في حمل وجوه هوازن وشيوخها وقادتها على القبول بخوض معركة كان دريد بن الصمة قد أخبره (مسبقًا) بأنها معركة خاسرة ونتائجها رهيبة مفزعة بالنسبة لهوازن .. لطريقة الحشد والتعبئة التي اتبعها القائد مالك بن عوف النصرى والتي أخطر ما فيها حشد النساء والأطفال والشاء والإبل والحمير وكل ما تملك هوازن واصطحابه كله مع الجيش إلى حنين.

تحرّك الجيش النبوي من مكة

استمر جيش هوازن في التحرك في اتجاه مكة إلا أن قائده العام مالك بن عوف لما بلغه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد تحرَّك (هو الآخر) بجيشه من مكة لمواجهة هوازن قرر أن يعسكر بجيشه في وادي حنين لأنه أصلح مكان من حيث السعة والطول لجولان الخيل التي يعتمد مالك وقادة هوازن على عدة آلاف منها. وكانت الخيل من أهم الأسلحة المتحركة التي يعتمد عليها المحارب في ذلك العصر فهي تقوم مقام سلاح المدرعات في هذا العصر.

أما الرسول - صلى الله عليه وسلم - فبعد أن بلغه تحرك هوازن من ديارها في اتجاه مكة، سارع إلى حشد جيشه في مكة وأسرع بالتحرك به ليواجه هوازن قبل أن يصل جيشها إلى مكة، وكان ذلك من الرسول - صلى الله عليه وسلم - سياسة عسكرية حكيمة ألهمه الله اتباعها.

إذ أن ملاقاة الجيش النبوي للمشركين خارج مكة بعيدًا عنها، أصلح (من نواحى عدة) للجيش النبوي من مواجهتهم فيها أو قريبًا منها.


(١) انظر تاريخ الطبري ج ٣ ص ٧١ - ٧٢، ومغازي الواقدي ج ٣ ص ٨٨٧ - ٨٨٨ - ٨٨٩، وجوامع السيرة ص ٢٣٦ - ٢٣٧، وطبقات ابن سعد ج ٢ ص ١٥٠، والكامل في التاريخ ج ٢ ص ١٧٧، وتاريخ ابن خلدون ج ٢ ص ٨١١ - ٨١٢، والبداية والنهاية ج ٤ ص ٣٢٤، وسيرة ابن هشام ج ٤ ص ٨١ - ٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>