المدينة في شبه مظاهرة غادروها في طوابير، قد أركبوا النساء على الهودج في أبهى زينة، عليهن الديباج والحرير وقطف الخز الأخضر والأحمر وحلى الذهب والفضة، تصحبهم مرق الموسيقى من القيان يضربن بالدفوف ويعزفن بالمزامير.
[نموذج لحرية العقيدة]
وقد جلا مع يهود بنى النضير بعض أولاد الأنصار الدين اعتنقوا اليهودية، فقد كانت المرأة من الأنصار (قبل الإسلام) إذا لم يعش لها ولد تجعل على نفسها عهدًا إن عاش لها ولد تهوده، ولما أخذ يهود بنى النضير في الجلاء وأخذ أبناء الأنصار يجلون معهم بحكم اتباعهم لدينهم - حاول الأنصار منع أولادهم من الجلاء قائلين: لا ندع أبناءنا يخرجون مع اليهود، ولكن النبي - صلى الله عليه وسلم - عملًا بحرية العقيدة لم يمكن الأنصار مما أرادوا، ما دام أن أبناءهم قد دخلوا في اليهودية قبل الإسلام وجلوا مع بنى النضير بمحض اختيارهم، وقد اتخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا القرار ونفذه بعد أن أنزل الله عليه:{لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} كما يقول ابن برهان الدين في السيرة الحلبية.
[وجهة اليهود بعد الجلاء]
وقد اتجه اليهود عند الجلاء بعضكهم إلى أذرعات الشام وبعضهم إلى خيبر وهم الأكثرية، وكان من الذين نزلوا خيبر من أكابرهم حُيى بن أخطب وسلام بن أبي الحُقيق وكنانة بن الربيع، وقد دانت خيبر لهؤلاء