للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صفوان: كم تصلون في اليوم والليلة؟ قال: خمس صلوات. قال: يصلى بهم محمد؟ قال: نعم. فلما سلم صاح عن صنوان: يا محمد إن عمير بن وهب جاءنى ببردك، وزعم أنك دعوتنى إلى القدوم عليك، فإن رضيت أمرًا وإلا سيرتنى شهرين. قال انزل أبا وهب. قال: لا والله، حتى تبين لي. قال: بلى تسير أربعة أشهر. فنزل صفوان، وخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل هوازن، وخرج معه صفوان وهو كافر وأرسل إليه يستعيره سلاحه، فأعاره سلاحه، مائة درع بأداتها، فقال: طوعًا أو كرهًا؟ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: عارية مؤداة فأعاره، فأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فحملها إلى حنين، فشهد حنينًا والطائف ثم رجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الجعرانة، فبينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسير في الغنائم ينظر إليها، ومعه صفوان بن أمية، جعل صفوان ينظر إلى شعب ملئ نعمًا وشاء ورعاء، فأدام إليه النظر، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرمقه، فقال: أبا وهب، يعجبك هذا الشعب؟ قال: نعم، قال: هو لك وما فيه. فقال صفوان عند ذلك: ما طابت نفس أحد بمثل هذا إلا نفس نبي، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله، وأسلم مكانه (١).

[كيف أسلم عكرمة بن أبي جهل]

أما عكرمة بن أبي جهل المخزومي (٢) فقد كان من أشد الناس عداوة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد خلف أباه في هذه الغداوة، إلا أنه كان "مع شدته في عداوة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " أعف من أبيه. فلم يكن فاحشًا مثله، بل كان أقرب إلى الاستجابة إلى صوت المنطق والصراحة في وزن الأمور بموازينها الصحيحة. يدل على ذلك أنه كان - عندما اشتجر أبو سفيان بن حرب وخالد بن الوليد عندما أعلن الأخير قبل الفتح أن محمدًا على الحق، وحاول أبو سفيان الهجوم على خالد لقوله هذا - كان عكرمة قد وقف موقف المتعقل المتوقع النصر والغلبة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فحجز


(١) مغازي الواقدي ج ٢ ص ٨٥٣ وما بعدها.
(٢) انظر ترجمة عكرمة بن أبي جهل في كتابنا (غزوة بدر الكبرى).

<<  <  ج: ص:  >  >>