للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطريق الرئيسى. وبعد أن تجاوز الأبواء (١) لقيه أبو سفيان فأشفق أن يكون بُديل بن أم أصرم وأصحابه قد جاؤوا المدينة فقال أبو سفيان للقوم: أخبروني عن يثرب منذ كم عهدكم بها -وكان بذلك يريد معرفة ما إذا كانوا قد اجتمعوا بالرسول - صلى الله عليه وسلم - وأخبروه- فقالوا: لا علم لنا بها. ثم أمعن أبو سفيان في السؤال فقال: يا بُديل هل جئت محمدًا قال: لا! ما فعلت ولكنى سرت في بلاد كعب وخزاعة من هذا الساحل في قتيل كان بينهم فأصلحت بينهم فقال أبو سفيان -وكان مَرنًا-: إنك والله -ما علمت- بَرُّ واصل، ثم قايلهم أبو سفيان (٢).

غير أن الشك خامره فأمعن في التحقيق ليصل إلى الحقيقة. فقال: أما معكم من تمر يثرب شيء تطعمونا فإن لتمر يثرب فضلًا على تمر تهامة. قالوا: لا.

ولكن أبا سفيان ظلت الشكوك تساوره لذلك لم يطمئن إلى نفيهم فعمد إلى منزلهم بعد أن رحلوا فأتى أولًا، مَبْرَك جمالهم ففحص أبعارها بأن فتتها. فوجد بها نَوى التمر. ثم وجد حيث نزلوا نوَى من تمر عجوة كأنها ألسنة الطير. فاستدل بذلك على أنهم (يقينا) جاءوا من المدينة. فقال: أحلف بالله لقد جاء القوم محمدًا (٣).

وعندها ضعف أمل أبي سفيان في أن ينجح في مسعاه لدى النبي - صلى الله عليه وسلم - للحصول على توثيق وزيادة المدة فيه.

[أبو سفيان في المدينة]

إلّا أن أبا سفيان بالرغم من تضاؤل أمله في النجاح في مسعاه واصل السير نحو المدينة لبذل جهوده كما طلبت منه قريش حتى وصلها وقابل النبي


(١) الأبواء بفتح الألف وسكون الباء- قال في مراصد الاطلاع قرية من أعمال الفُرْع من المدينة بينها وبين الجحفة مما يلي المدينة ثلاثة وعشرون ميلا. وقيل جبل عن يمين آره ويمين المصعد إلى مكة. وبالأبواء قبر آمنة أم النبي - صلى الله عليه وسلم -.
(٢) قايلهم: أي قضى القيلولة معهم وهي وقت ما بين الظهر والعصر.
(٣) مغازي الواقدي ج ٢ ص ٧٩٢ وسيرة ابن هشام ج ٤ ص ٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>