للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم ندد القرآن الكريم بأحد زعمائهم الكبار وهو الجد بن القيس الذي قال - لما رغبه الرسول - صلى الله عليه وسلم - في الجهاد -: أو تأذن لي ولا تفتنى؟ فوالله، لقد عرف قومى ما أحد أشد عجبًا بالنساء منى وإني لأخشى إن رأيت نساء بني الأصفر لا أصبر عنهن: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ} (١).

وفي المنافقين الذين تخلفوا عن الغزوة مع القدرة، ثم جاؤوا بعد عودة الرسول - صلى الله عليه وسلم - ظافرًا يعتذرون وهم كاذبون. قال تعالى: {يَعْتَذِرُونَ إِلَيكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيهِمْ قُلْ لَا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٩٤)} (٢). {سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} (٣).

{يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} (٤). إلى غير ذلك من الآيات التي تضمنتها سورة براءة (الفاضحة).

سيطرة الإِسلام على جزيرة العرب:

وبعد عودة الرسول - صلى الله عليه وسلم - بجيشه من غزوة تبوك تلك العودة الظافرة ضرب الإِسلام بجرانه على جميع أنحاء الجزيرة العربية من الجنوب حتى الشمال ومن الشرق حتى الغرب، ولم يبق في الجزيرة من يعادى الإِسلام سوى جيوب وثنية صغيرة تقع في أقصى الجنوب الغربي من جزيرة العرب.

وهذه الجيوب التي تقع في نجران وبلاد مذحج بأقصى جنوب اليمن، وقد بعث الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى هذه الجيوب بالبطلين علي بن أبي طالب وخالد بن الوليد .. على بعث به إلى اليمن، وخالد بعث به إلى بني بلحارث بنجران، وذلك في السنة العاشرة من الهجرة، فأخضع كل من القائدين الناحية التي بعث إليها كما سيأتي تفصيله في مكانه من هذا الكتاب إن شاء الله، وبعد هاتين الحملتين العسكريتين انتهت كل الأعمال العسكرية بجزيرة


(١) التوبة: ٤٩.
(٢) التوبة: ٩٤.
(٣) التوبة: ٩٥.
(٤) التوبة: ٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>