والنبأ الوحيد الذي علمته زعامة مكة "وقد يكون ذلك بتدبير وتيسير من جهاز الاستخبارات النبوية" هو مقابلة أبي سفيان بن حرب للنبي القائد - صلى الله عليه وسلم - في مقر قيادة الجيش، ومنح الرسول - صلى الله عليه وسلم - أبا سفيان أمانًا خاصًّا به نتيجة شفاعة ووساطة صديقه وابن عمه العباس بن عبد المطلب.
إن قريشًا قد أصبحت لديها القناعة الكاملة أنه ليس في إمكانها التصدي للجيش النبوى في مواجهة حربية، وأصبح كل همها "تقريبا" منحصرًا في الحصول على أمان كامل شامل الأهل مكة جميعًا، عندما يدخلها الجيش النبوى الذي لم يعد لدى الأغلبية الساحقة من سادات مكة أي شك في أنه سيدخلها لا محالة، ولهذا قرر برلمان مكة "دار الندوة" إيفاد أبي سفيان بن حرب كما تقدم.
ولكن أبا سفيان ها هو يقابل الرسول القائد - صلى الله عليه وسلم - ويحصل منه على أمان خاص لنفسه فقط. فينتاب قريش القلق، ويظل أهلها عرضة للقلق والهواجس السوداء وتعمل وساوس الاتهام لأبي سفيان في نفوسهم فعلها الحاد.
فنواب العشائر في دار الندوة، لم ينتدبوا أبا سفيان -حين انتدبوه-، لكي يحصل لنفسه فقط على الأمان، وإنما انتدبوه لكى يدخل مع محمد - صلى الله عليه وسلم - في مفاوضات يحصل أبو سفيان بموجبها لأهل مكة على أمان كامل شامل يحقن دماءهم ويعفى نساءهم وذراريهم من السبى وأموالهم من المصادرة والاستباحة عندما يدخلها الجيش النبوي.
إنهم "وقد قرّ في أنفسهم أنه لا قبل لهم بجيش الإِسلام ولا قدرة لهم على مواجهته حربيًّا"، أصبحوا في حالة ذعر شديد وخوف أشد من أن يسفك هذا الجيش الإِسلامي العرمرم دماءهم ويسبى نساءهم وذراريهم ويستولى على كل أموالهم وممتلكاتهم كغنيمة حرب. فيترك مكة خرابًا يبابًا تغطى شوارعها جثث القتلى منهم. وتردد جبالها عويل الثكالى من نسائهم