للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (١)، فيتركونه يمر دون أن يمسّوا أبا سفيان بأذى. وحتى دوريات الحرس المسؤولة عن حراسة المعسكر النبوى يستوقفون الراكبين، وعندما يتبينون أنه العباس يسمحون له بالمرور داخل المعسكر.

وهكذا لم يعترض أحد من جندا الإِسلام العباس ورديفه أبي سفيان بن حرب إلا قائد الحرس عمر بن الخطاب الذي ما كاد يرى أبا سفيان بن حرب (على ضوء النار) حتى صاح: أبو سفيان عدو الله؟ الحمد لله الذي أمكن منك بلا عهد ولا عقد (٢). وكان ابن الخطاب يعني أنه في الإِمكان (وبسهولة قتل أبي سفيان بن حرب) ولكنه لم يتعجل في قتله (مع حرصه الشديد على ذلك) لأن أبا سفيان كان على بغلة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفي جواره عمه العباس، لذلك سارع ابن الخطاب فصار يعدو نحو مقر قيادة الرسول - صلى الله عليه وسلم - ليحصل منه على إذن بضرب عنق أبي سفيان قبل أن يصل به العباس إلى المقر.

[العباس ينجح في استصدار العفو عن أبي سفيان]

غير أن العباس (وقد أصبح مسؤولا عن حياة أبي سفيان) أدرك ما يهدف إليه ابن الخطاب. فخاف أن يسبقه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيحصل على إذن منه بقتل أبي سفيان. فأركض العباس البغلة ليسبق ابن الخطاب إلى خيمة الرسول - صلى الله عليه وسلم - فيأخذ لأبي سفيان الأمان كما وعده.

وفعلًا، نجح العباس، فوصل خيمة ابن أخيه النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يصل إليها عمر بن الخطاب.

[أحرج ساعة في حياة أبي سفيان]

وكانت تلك الساعات الحاسمة من أحرج ما مرَّ بأبي سفيان في حياته. وخاصة بعد أن رأى عمر بن الخطاب يشتد عدوًا على قدميه ليقنع الرسول - صلى الله عليه وسلم - بإصدار قرار بإعدامه.


(١) البداية والنهاية ج ٤ ص ٢٨٩.
(٢) سيرة ابن هشام ج ٤ ص ٤٥ وتاريخ الطبري ج ٣ ص ٥٣ ومغازي الواقدي ج ٢ ص ٨١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>