وذكر الواقدي في مغازيه أن النعمان بن فنحص اليهودى كان حاضرا ساعة عيّن النبي - صلى الله عليه وسلم - قادة الجيش على تلك الصيغة فقال:(أبا القاسم إن كنت نبيا فسميت من سميت قليلًا أو كثيرًا أصيبوا جميعا. إن الأنبياء في بني إسرائيل إذا استعملوا الرجل على القوم ثم قالوا: إن أصيب فلان. فلو سُمى مائة أصيبوا (أي قتلوا جميعا) ثم جعل اليهودى يقول لزيد بن حارثة: اعهد (أي أوص) فلا ترجع إلى محمد أبدا. إن كان نبيا! . فقال زيد: فأشهد أنه نبي صادق بار.
[خالد بن الوليد يغزو لأول مرة مع المسلمين]
وكان خالد بن الوليد الفارس الشهور. جنديًّا ضمن هذا الجيش. فقد استنفر النبي - صلى الله عليه وسلم - المسلمين في هذا الجيش. وخالد لم يمض على دخوله في الإسلام سوى ثلاثة أشهر. فمعركة مؤتة الطاحنة هذه. هي أول معركة يشترك فيها خالد بن الوليد مجاهدًا في سبيل الله. وعندما قتل القادة الثلاثة في المعركة (كما سيأتي) أسند وجوه الجيش قيادته إلى خالد. فقام بعملية انسحاب بارعة دلت على مهارف الحربية الفائقة. وقد أعطاه النبي - صلى الله عليه وسلم - على نجاحه في الانسحاب بجيشه بانتظام ودونما خسارة تذكر. لقب سيف الله. وهو أول وسام يمنح لقائد في تاريخ الإسلام.
[النبي يخطب في الجيش ويضع أعدل وأشرف قانون حرب في التاريخ.]
وبعد تعيين القادة على الجيش. ألقى النبي - صلى الله عليه وسلم - في الجيش خطابا تضمن أرقى قانون للحرب العادلة، قانون عجزت -حتى الآن- كل النظم والتشريعات أن تصل إليه من حيث الإنصاف في معاملة الأعداء واجتناب الأعمال اللاإنسانية من التعرض للنساء والأطفال والعجزة ورجال الدين بأي نوع من أنواع الأذى. ولأهمية هذا الخطاب الذي يعد أعظم دستور عادل للحروب العادلة. نورد نصه كاملًا.