أركان السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار لم يكن قد مر على إسلامه أكثر من أربعة أشهر. حيث إن إسلامه وخالد بن الوليد إنما كان في شهر صفر سنة ٨ للهجرة. . وغزوة ذات السلاسل التي قادها كانت في شهر جمادى الآخرة سنة ٨ للهجرة.
ولا شك أن في هذا التصرف من الرسول - صلى الله عليه وسلم - تربية لأصحابه وحكمة يقصد من ورائها تعليمهم كيف يكون السمع والطاعة للقائد العسكري الكفؤ حتى وإن كانوا أفضل منه وأسبق إلى الإِسلام وإلى الجهاد بأرواحهم وأموالهم في سبيله. . فعمرو بن العاص وإن كان قد تأخر إسلامه. إلا أنَّه كان يمتاز بمقدرة كبيرة في فن القيادة العسكرية والمهارة السياسية. لهذا أسند إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - قيادة هذا الجيش الذي كان ضمن جنوده سراة المهاجرين والأنصار. . وكذلك فعل أبو بكر وعمر. حين توليا الخلافة. فقد قدما عمرو بن العاص في القيادة على سادات المهاجرين والأنصار حيث كان في عهد الخليفة الأوّل. أحد قادة الجيوش الأربعة التي اجتازت حدود الشام غازية في عهد الملك (هرقل) ثمَّ كان في عهد الفاروق هو قائد الجيش الإِسلامي الذي حرر مصر من الاحتلال الروماني فتم فتحها جميعها تحت قيادته.
[الجيش يتحرك من المدينة]
وفي شهر جمادى الآخرة سنة ٨ للهجرة تحرك القائد عمرو بن العاص من المدينة بجيشه البالغ ثلاثمائة مقاتل في اتجاه الشمال نحو الحدود المتاخمة للشام حيث تحتشد القبائل العربية المتنصرة الموالية للرومان. وكان مع ابن العاص من سلاح الفرسان ثلاثون فرسًا (١).
وكان القائد يغذ السير بجيشه ليأخذ العدو على حين غرة - وكما هي عادة السرايا والبعوث النبوية - كان القائد عمرو بن العاص يسير بالجيش الليل ويكمن النهار.