للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوة الإِسلام. في موكب مهيب ضم ألفين من المهاجرين والأنصار يتلفتون حول نبيهم الحبيب - صلى الله عليه وسلم - كما تتلفت الأسود الضوارى وهي تحمى عرين أشبالها .. على هذه الهيئة الهيبة وبهذا المنظر الرائع ولج النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه الكرام مكة المكرمة. وأعماق التاريخ يدمدم فيها صدى وعد الله الحق الذي وعد به نبيه العظيم وصحبه الكرام البررة .. {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا} (١).

هذه الآية التي استجوب الصحابة النبي الأعظم - صلى الله عليه وسلم - في بيداء الحديبية وهم يبلغونه. معارضتهم لذلك الصلح. استجوبوها بشأنها فقالوا: "يا رسول الله ألم تكن حدثتنا أنك ستدخل المسجد الحرام، وتأخذ مفتاح الكعبة وتعرّف مع المعرِّفين؟ . وهدينا لم يصل إلى البيت ولا نحن؟ ".

فأجابهم - صلى الله عليه وسلم -. قلت لكم في سفركم هذا؟

قال عمر بن الخطاب: لا.

فقال - صلى الله عليه وسلم -: أما إنكم ستدخلونه وآخذ مفتاح الكعبة، وأحلق رأسى ورؤسكم ببطن مكة (٢).

وها هو اليوم قد حدث فيه ما وعدوا به فالله لا يخلف الميعاد. وقد جاء في كتب السير أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما دخل مكة وطاف بالبيت وسعى في عمرة القضية هذه استدعى عمر بن الخطاب الذي كان أشد المعارضين لصلح الحديبية وذكره بذلك.

[من أين دخل النبي مكة يوم العمرة]

وقد كان دخول النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه مكة في هذه العمرة من الشمال عند الحجون. وقد ظل النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه يلبون حتى خالطوا بيوت مكة. وهناك قطعوا التلبية (٣).


(١) الفتح ٢٧.
(٢) صلح الحديبية للمؤلف ص ٢٥٧ - ٢٥٨.
(٣) مغازي الواقدي ج ٢ ص ٧٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>