للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا إخوة القردة وعبدة الطاغوت، هل أخزاكم الله وأنزل بكم نقمته (١)؟ وهنا أدركت اليهود طبيعتهم (سفاهة واعتداء وغدرًا وتطاولًا إذا قدروا، واستكانة وتلطفًا ووداعة إذا عجزوا) فعندما رأوا الرسول القائد - صلى الله عليه وسلم - تحيطه هيئة أركان حربه وقد اتخذت كتائبة مواقعها حول الحصون، تأكد لديهم تصميم المسلمين على الإيقاع بهم ومحاسبتهم على ما ارتكبوا من فظيع الغدر وشنيع الخيانة، فأسقط في أيديهم فصاروا يتوددون إلى الرسول القائد.

فقد أنكروا، أن يكونوا شتموه ونساءه، وانطلقوا يحلفون (كذبًا) أنهم ما فاهوا بشيء مما بلغه بهذا الشأن، ثم اندفعوا (في ليونة الأفاعي) يسمعون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من لين القول وطيب الكلام وجميل الإطراء، ما ظنوا، أنه سيساهم في تخفيف عقوبة خيانتهم العظمى التي صممت قيادة المدينة على إنزالها بهم.

فقد قال هؤلاء اليهود لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... يا أبا القاسم ما كنت جهولًا، وغير ذلك من الكلام المغلف بالطيبة والوادعة.

[طبيعة اليهود التي لا تتغير]

وهذه هي جبلة اليهود وخلتهم المتغلغة في نفوسهم أبد الدهر. لا يتورعون عن ارتكاب أية جريمة (مهما كانت بشاعتها) إذا ما قدروا.

ولا يخجلون من أن يقفوا موقف الحليم الواعظ الوديع البرئ، يذكرون بالحلم والصفح إذا ما أحاطت بهم خطيئتهم وأدركهم الوهن،


(١) سيرة ابن هشام ج ٢ ص ٢٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>