ولقد كان بإمكان عبد الله بن عتيك وفصيلته من الفدائيين أن يتجولوا في مدينة خيبر. بل وأن يدخلوا إلى حصونها ويتحدثوا إلى أهلها بحرية تامة وفي أي وقت أرادوا كما يفعل غيرهم من الأعراب المجاورين لخيبر وغير المجاورين الذين يعرفھم يهود خيبر أو لا يعرفونهم لأن اكتظاظ خيبر دائمًا بالأعراب شيء مألوف، لأنها سوقهم الرئيسية التي يبتاعون منها حاجاتهم الضرورية من المواد الغذائية كالتمر والبر والشعير والذرة وغير ذلك. إذ أن خيبر تعتبر من أعظم تلك المناطق إنتاجًا للحبوب والتمور. ولذلك يسميها العرب آن ذاك. (ريف الحجاز) غير أن الذي حال بين الفدائيين الخمسة وبين التجوال في مدينة خيبر والظهور فيها نهارًا. واضطرهم إلى الإختفاء بالنهار والتحرك. بالليل فقط، وتحاشي التحدث إلى أي يهودي أو الاجتماع به، هو أن جميع يهود بني النضير نساءًا ورجالًا والذين أصبحوا من سكان مدينة خيبر يعرفون هؤلاء الفدائيين الخمسة فردًا فردًا، وحتى أصواتهم سيعرفونهم بها لأنهم منذ خلقوا وهم يعيشون معهم في المدينة. ولم يمض على خروج يهود خيبر بني النضير من المدينة إلى خيبر إلا بضعة عشر شهرًا. ولو عرف يهود خيبر هؤلاء الفدائيين لاكتشفوا أمرهم ولألقوا عليهم القبض وقتلوهم في الحال.
لأنهم يعتبرون أَنفسهم في حالة حرب مع المسلمين. ولأنهم سيدركون أن هؤلاء الفدائيين (وهم أعداء ألداء اليهود). إما أن يكونوا جواسيس وإما أن يكونوا جاءُوا لقتل أحد من سادات اليهود.