للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[كمائن المشركين تهزم المسلمين]

لا شك أن الكمائن هي من أخطر الأخطار التي تتعرض لها الجيوش النظامية في القديم والحديث، وكم كانت الكمائن سببًا في إلحاق الهزائم المدمرة بالجيوش التي تفوق الكمائن عددًا وعدة.

وهذا ما فطن له القائد المحنك مالك بن عوف النصرى فأحكم تركيب الكمائن للمسلمين في الشعاب ومضائق التلال ووراء الهضاب في حنين، فأنزل الهزيمة بالجيش النبوي عند الصدمة الأولى فولَّى الجيش هاربًا دون أن يشرع أحد منه رمحًا أو يجرد سيفًا.

لا شك أن رجال الكمائن الذين وضعهم مالك بن عوف في أماكنهم بطريق الجيش النبوي هم أقل بكثير من عدد جيش الإِسلام، ولكن المباغتة لها (دائما في الحروب) تأثيرها الصاعق الذي يشل فعالية الجيوش ويربكها مما يجعل الهزيمة تحيق بها مهما كانت كثرتها ومهما كان تنظيمها وحسن تسليحها. وهذا هو الذي فعلته كائن هوازن (وهم مفارز صغيرة) بالجيش الإِسلامي الكبير الذي يبلغ اثنى عشر ألف مقاتل يتقدمهم ألف فارس يقودهم فارس من أمهر فرسان العرب وهو خالد بن الوليد.

وما كان خالد قائد المقدمة من الرجال الذين ينخذلون لكمائن أو غيرها، ولكن يظهر أنه فقد السيطرة على فرسانه الذين أكثرهم من أهل البادية الذين هم حديثو عهد بالحرب النظامية التي اتبعها كل من الرسول - صلى الله عليه وسلم - وخصمه مالك بن عوف، فأفقدهم الثبات هجمات الكمائن المباغتة التي شُنَّت عليهم بأسلوب صاعق فانكفأوا هاربين نحو مكة وهم ألف فارس فجرفوا من ورائهم بقية الجيش بعد أن أدخلوا بفرارهم الرعب في النفوس، فانفرط عقد الجيش النبوي وصار كل جندى فيه همه النجاة بنفسه في تلك اللحظات العصيبة التي نجحت فيها كائن هوازن كل النجاح.

[أسباب نجاح كمائن هوازن]

ويمكن تلخيص أسباب نجاح كمائن مالك بن عوف عند الصدمة الأولى في

<<  <  ج: ص:  >  >>