حرب ضروس يخوضونها مع قريش، بل كانوا وهم يتأَهبون الخروج من المدينة على ما يشبه اليقين بأَن هذه الحرب سيندلع لهبها بينهم وبين قريش التي هي في حالة حرب معهم ... تتحيّن الفرص للانتقام منهم لما أَصابها في بدر على أَيديهم.
ولكن ذلك لم يفتّ في عضدهم ولم يكن - بأَي حال من الأَحوال - باعث تردّد في نفوسهم يجعلهم (كغيرهم من ضعف الإِيمان) يفكرون في القعود عن مرافقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هذه الرحلة المحفوفة بالأَخطار جدًّا.
بذلك استحقوا أَن يوصفوا بأَنهم خير أَمّة وأَشجع عصبة، وزاد هؤلاءِ الأَصحاب شرفًا ورفعة عند الله ورسوله أَن تسابقوا وهم في الحديبية إلي مبايعة الرسول - صلى الله عليه وسلم - على الموت تحت الشجرة عندما بلغ طغيان قريش وتصلفها حدًّا لم يترك للنبي - صلى الله عليه وسلم - اختيارًا في استنفار أَصحابه وإعلان عزمه على خوض الحرب ضد قريش لوضع حد لبغيها وطغيانها.
[ثناء الله على أصحاب الشجرة]
وفد نزلت آيات وجاءَت أحاديث نبوية كلها تشيد بمواقف هؤلاء الأَصحاب المشرّفة وتبشرهم بالسعادة الأَبدية جزاءِ أَعمالهم المجيدة التي بها أثبتوا (في ساعة العسرة) عمق إيمانهم وصدق إسلامهم وشدة إِخلاصهم ووفائهم في وقت تخاذلت فيه فئات منتسبة إِلى الإِسلام تحت تأْثير خوفها من أَن يدخل المسلمون في حرب مع قريش في هذه الرحلة التي كانت (فعلًا) محفوفة بأَخطار هذه الحرب.
ففي القرآن الكريم قال الله تعالى مشيدًا بهذه الصفوة المختارة من