أما اليهودي العربي الذي قاتل في جانب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى قتل فقد ذكر قصته ابن حزم في كتابه (جوامع السيرة) فقال:
وكان مخيريق (أحد يهود بني ثعلبة)(١) من اليهود فدعا مخيريق إلى نصر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال لهم، والله إنكم لتعلمون أن نصر محمد سلاحه ولحق برسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقاتل حتى قتل.
وقال ابن كثير (في البداية والنهاية) إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما بلغه مقتل مخيريق (في جانب المسلمين) قال: مخيريق خير يهود، وقد أوصى مخيريق هذا قائلًا:
إن أُصبت (أي قتلت) فمالي لمحمد يصنع فيه ما شاء، وذكر السهيلي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جعل أموال مخيريق اليهودي (بعد قتله)(وكانت سبعة بساتين) أوقافًا بالمدينة لله، ويقال إنها أول أوقاف بالمدينة.
ومما يلاحظ وينبغي الوقوف عنده أن هذا العربي المنافق. (قزمان) واليهودي العربي (مخيريق) بالرغم من أنهما قاتلا ببسالة وشجاعة في جانب المسلمين حتى قتلا، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يعتبرهما من الشهداء ولم يذكر أحد المؤرخين واحدا منهما في عدد الشهداء الذين استشهدوا يوم أُحد، وفي هذه عبرة وموعظة لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
(١) في الأنصار قبيلتان يقال لهما بنو ثعلبة، أحداهما من الأوس وهم بنو ثعلبة بن عمرو بن عوف، والأخرى من الخزرج يقال لهم بنو ثعلبة بن عمرو بن الخزرج.