في سجل مضبوط، وإن كان سجلًا غير مكتوب حيث كان هذا السجل صدور نساء ورجال أهل المدينة الذين يحفظون بكل دقة أسماء وأنساب هؤلاء الذين خرجوا من المدينة إلى كلّ من المعركتين، ومثل هذا القول ينطبق على المشركين من قريش، من هنا سهل على أصحاب المغازي والسير معرفة عدد بل وأنساب القتلى من الفريقين في كلتا المعركتين وكذلك عدد وأسماء وأنساب الأسري من المشركين. أما في كل من معركة مؤتة وحنين، فالأمر يختلف اختلافًا كبيرًا، فالجيش فيهما مؤلف من قبائل عديدة وخاصة في فتح مكة ومعركة حنين كما هو موضح في جدول المحاربين لأسماء القبائل المشتركة في فتح مكة (انظر كتابنا فتح مكة) وهذه القبائل هي التي اشتركت في معركة حنين وأكثرها من سكان البادية المنتشرين في مختلف أرجاء الجزيرة. والذين من الصعب، جدًّا على المختصين بكتابة مغازى الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يعرفوا عن شهدائهم من التفاصيل مثل الذي عرفوه ودونوه عن شهداء معركتى بدر وأحد.
[دروس من حنين]
إن أول درس استفاده ويجب أن يستفيده المسلمون من معركة حنين، هو عواقب الإعجاب بالنفس والاعتداد بالكثرة إلى حد الغرور، هذا الإعجاب الذي كرهه الله للمسلمين وذكرهم به في القرآن بما جره عليهم من وبال {وَيَوْمَ حُنَينٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيئًا وَضَاقَتْ عَلَيكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيتُمْ مُدْبِرِينَ} الآيات.
فالإعجاب يؤدى إلى الغرور، والغرور بدوره يؤدى إلى الاستهانة بالعدو، والاستهانة بالعدو تؤدى في النهاية إلى مساعدة هذا العدو في أعماله الحربية إلى حد كبير، وقد تحقق له النصر الكامل وإن كان غير مُهيءٍ له. وهكذا يمكن إجال النتائج السيئة التي نتجت عن إعجاب المسلمين بكثرتهم فيما يلي:
أ - الاستهانة بقوات هوازن.
ب- جزم عناصر الجيش بأنهم لن يغلبوا في المعركة.
جـ - الإهمال واللامبالاة التي سادت مقدمة الجيش وعناصر الاستطلاع المسؤولة عن الاستكشاف الأمر الذي جعل هذه العناصر تقصّر في مهمتها إلى الحد الذي جعلها تجهل أخطر عمل تعبوى قامت به قيادة هوازن، وكاد يؤدى