ولقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتحمل وأَتباعه كل ما يلاقونه من قريش من عنت ومتاعب وويلات، فيمشي - صلى الله عليه وسلم - قدمًا في نشر دعوته وإبلاغ رسالته في كل وسط يتسنى له الاتصال به.
إِلا أَنه في السنة الأَخيرة من هذا الكفاح السلمي حدثت من جانب مشركي مكة تطورات هامة غيرت مجرى النضال تغييرًا كليًّا.
[القرار الظالم]
فقد ضاق المشركون ذرعًا بمحمد ودعوته، بعد أَن أَثبتت لهم الأَيام فشل خططهم غير الحربية التي ساروا عليها لمقاومة دعوة الإِسلام والقضاء عليها في المهد، وشعروا بتفاقم الخطر الذي يهدد كيانهم الوثني، لا سيما بعد أَن قامت تلك الجبهة القوية المعادية لهم على أَثر التحالف العسكري الذي تم بين النبي - صلى الله عليه وسلم - وأَهل يثرب، فصاروا يبحثون عن أَنجح الوسائل لدفع هذا الخطر الذي مبعثه الوحيد حامل لواءِ دعوة الإِسلام محمد - صلى الله عليه وسلم -.
ففي أَوائل شهر ربيع الأَول (وعلى رأْس السنة الثالثة عشرة) من بعثة الرسول الأَعظم - صلى الله عليه وسلم - عقد برلمان مكة (دار الندوة) أَخطر اجتماع له في تاريخه.
[جلسة تاريخية يعقدها برلمان مكة]
فقد توافد إِلى برلمان مكة (في ذلك اليوم التاريخي) جميع نواب القبائل القرشية، وتدارسوا في هذا الاجتماع الخطير ما يجب اتخاذه من خطوات سريعة حاسمة، تكفل القضاءُ على حامل دعوة الإِسلام وتقطع تيار نور هذه الدعوة عن الوجود نهائيًا، ليكتب البقاءِ لوثنيتهم التي تأَكد لديهم أَن أَيام بقائها ستكون قليلة جدًّا، إذا لم يتم