للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيه قريش النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وأبو سفيان بن الحارث هذا هو الذي قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يدعو قومه إلى الإسلام: يا محمد لن نؤمن لك حتى ترقى في السماء ويكون لك بيت من زخرف وتفجر لنا الأنهار. فأنزل الله تعالى في عناده وكفره الشديد هذا قوله تعالى: {وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا (٩٠) أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالهَا تَفْجِيرًا (٩١) أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَينَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا (٩٢) أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَينَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إلا بَشَرًا رَسُولًا} (١).

وكان الرسول - صلى الله عليه وسلم - قد أهرق دم أبي سفيان بن الحارث فيمن أهدر دمهم من كبار مجرمى مكة الذين كانوا شديدى العداوة والعناد لله والرسول - صلى الله عليه وسلم -.

ولما رأى أبو سفيان هذا. أن دين ابن عمه محمد - صلى الله عليه وسلم - قد بسط سلطانه على أكثر أنحاء الجزيرة العربية. وأن مسألة وقوع مكة في قبضة الإسلام. هي مسألة وقت فقط. لم يحتمل ذلك. ولم يكن هذا الانتصار لدعوة أخيه وابن عمه النبي حافزًا له على الإسراع إلى الدخول في الإسلام .. بل كان عاملا في رفع نسبة الكره لهذا الدين والنفور منه.

لذلك - وقد أيقن أن احتلال المسلمين مكة أمر لا مفر منه - قرر مغادرة الجزيرة العربية كلها. فهرب إلى ملك الروم (٢).

[كيف دخل الإسلام قلب أبي سفيان بن الحارث؟]

غير أن أبا سفيان بن الحارث لما التجأ إلي هرقل (قيصر الروم) وسمع من قيصر بعض الحديث عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - دخل الإسلام في قلبه. فقرر العودة إلى مكة ليعلن إسلامه.


(١) الإسراء آية ٩٠ - ٩٣.
(٢) مغازي الواقدي ج ٢ ص ١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>