النبي وأصحابه. وقد صرح سادات قريش أنفسهم بما يترجم عن شعورهم بالمرارة وعدم احتمالهم النظر إلى المسلمين وهم داخل مكة.
فقد روى أبو قتادة أن الزعيم القريشي (مكرز بن حفص العامري) لما رجع إلى مكة من وادي يأجج وطمأن قريشًا بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - ليس في نيته غزوها. فقال لهم: إن محمدًا لا يدخل بسلاح. خرجت قريش من مكة إلى رؤوس الجبال، وخلوا مكة، وقالوا: ولا ننظر إليه ولا إلى أصحابه (١).
[منظر رائع]
أما النبي - صلى الله عليه وسلم - فبعد أن رتب أمر حراسة الأسلحة في وادي يأجج بتركه مائتين من أصحابه بقيادة أوس بن خولى الأنصاري تحرك من هذا الوادي إلى (ذي طوى) حيث أمر بحبس الهدى هناك حتى يتكامل أصحابه. وقد خرج في اتجاه ذي طوي على ناقته القصوى وأصحابه يحيطون به متوشحين السيوف تدوى أصواتهم بالتلبية "لبيك اللهم لبيك. لبيك لا شريك لك لبيك. إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك" .. وهي تلبية ترى قريش أن تقطع لسان من ينطق بها لو استطاعت. ولكن هيهات هيهات. فقد جدع النبي الحكيم بإبرامه صلح الحديبية أنفها. حين أرغمت على قبول دخول المسلمين مكة لتأدية مناسك العمرة حسب شريعتهم التي قامت على أساس هدم الوثنية التي كانت قريش حتى ذلك اليوم ترى أن من واجبها الذود عنها بالمهج والأرواح.
وعندما تكامل جمع المسلمين بذى طوى وقف الرسول الأعظم - صلى الله عليه وسلم - على ناقته القَصوى وسط أصحابه تحيطهم هالة من الوقار والهيبة ثم اندفع بهم نحو المدينة المقدسة (مكة) التي دخلها - صلى الله عليه وسلم - من شمالها عند الحجون.
وكان القرشيون (كما قلنا) قد جلوا عن مكة إلى رؤوس الجبال لئلا يروا المسلمين في مكة أو يخالطوهم.
ومن رؤوس تلك الجبال -وعلى مد النظر- رأوا بعيون كاد يزيغها حقد