للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهي العمرة التي قام بها النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه قضاء عن العمرة التي مُنع المسلمون من أدائها في ذي القعدة من السنة السادسة للهجرة. فعادوا إلى المدينة دون أدائها بعد أن أحرموا بها. وذلك بموجب الصلح التاريخي المعقود بين النبي - صلى الله عليه وسلم - وبين قريش في الحديبية والذي أطلق عليه اسم (صلح الحديبية) (١).

وقد تمت هذه العمرة التاريخية مصداقًا لقوله تعالى {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا} (٢).

لقد بسطنا في كتابنا الخامس من هذه السلسلة كامل قصة النزاع ومراحل الخلاف الخطير الذي نشب بين النبي - صلى الله عليه وسلم - وبين قومه قريش والذي كاد يؤدى إلى حرب طاحنة بين الفريقين. والذي انتهى بذلك الصلح التاريخي الذي قبل النبي - صلى الله عليه وسلم - بموجبه- أن يعود بأصحابه إلى المدينة دون أن يدخل مكة فحل إحرامه في الحديبية خارج حدود الحرم وعاد إلى المدينة.

[الحل الوسط في الصلح]

لقد كان الحل الوسط الذي تم الاتفاق عليه في الحديبية بين النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - وبين عشيرته قريش. فأنهى ذلك النزاع الخطير الذي كاد يبعث حربًا ضروسًا بين الفريقين بسبب تصلف قريش وبغيها وعنادها. كان هذا الحل الذي تضمنه صلح الحديبية المعقود في السنة السادسة من الهجرة -يقضى بأن يرجع النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه عامهم ذاك إلى المدينة دون أن يدخلوا مكة. على أن يكون لهم الحق في أن يدخلوها معتمرين في العام القادم وبعد سنة كاملة بالتحديد.

وكما هو مفصل في كتابنا الخامس (صلح الحديبية) كانت بنود ذلك الصلح محل سخط أكثرية الصحابة الذين كانوا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فقد كان مصدر تضايق لهم لما يحمله في الظاهر من إجحاف. سماه بعضهم دنيئة وإذلالًا


(١) انظر كتابنا الخامس من هذه السلسلة والمسمى بـ (صلح الحديبية).
(٢) الفتح ٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>