وهذا مجرد ترجيح في مجال الافتراض، لأن قصة هجرة الأوس والخزرج إلى يثرب وقصة هجرة اليهود في كلا الفترتين لا يمكن تحديد أي منهما تحديدًا دقيقا لأنهما (كما قلنا) من الأخبار التي تحتمل الصحة والبطلان والتحديد فيهما لا يكون إلا من باب الافتراض، لأن أخبار ما قبل الإسلام لا يمكن الجزم بإثباتها أو نفيها اللهم إلا ما ورد فيه نص إسلامي صريح بهذا النفي أو ذاك الإثبات.
[اليهود عنصر دخيل في الجزيرة]
وعلى كل حال -وسواء استوطن اليهود خيبر وباقي المناطق قبل الميلاد أو بعده- فإن المجمع عليه عند جميع المؤرخين (إسلاميين وأجانب) أن اليهود في خيبر ويثرب وباقي المناطق هم أجانب دخلاء مستعمرون لا تربطهم بأي من سكان هذه المناطق في جزيرة العرب آية رابطة من لغة أو دين أو دم، وإنما هم غزاة، أو لاجئون سيطروا على خيبر ويثرب وباقي المناطق في غفلة من الزمن وفي وقت كان العرب الوثنيون فيه تمزقهم روح الجاهلية القبلية الضيقة التي ساهم وجودها وتحكمها في المجتمع العربي .. في التمكين لهؤلاء اليهود الدخلاء في هذه المناطق من جزيرة العرب .. الذين زادوا المجتمعات العربية فسادًا على فساد، كما هي طبيعة العنصر اليهودى الذي لا يكون له نفوذ في أرض إلا وأشاع فيها الفساد وبذر بذور الشحناء وأشعل نيران التفرقة والتخاصم بين أهلها.
وقد ظل العنصر اليهودى الدخيل هذا شأنه منذ استوطن خيبر وباقي الأجزاء الأخرى من الجزيرة العربية حتى اقتلع النبي - صلى الله عليه وسلم - جذور هذا العنصر نهائيًا بالعمليات الحربية التي قام بها في خيبر وباقي النقاط الأخرى التي كانت واقعة تحت سلطان هؤلاء اليهود المحتلين.
[شجاعة يهود خيبر وقوة وحدتهم]
وشئ يجب أن لا يغيب عن بال المؤرخ وهو أن يهود خيبر كانوا (عبر العصور) بالإضافة إلى تفوقهم على جميع اليهود من ناحية الشجاعة والصبر على القتال .. كانوا غاية من الموحدة والتماسك فيما بينهم .. عكس