للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنما كانت بعد الميلاد، وإبطال ما ذكره المؤرخون الإسلاميون من وجود اليهود في خيبر والحجاز قبل الميلاد، فإن هناك قصة روتها أصدق المصادر (وهو القرآن) وهي قصة انهيار سد مأرب ونزوح اليمانيين إلى يثرب عقيب هذا الانهيار .. هذه القصة التي هي أكثر شيوعًا بين المؤرخين العرب أصحاب الاختصاص من قصة خراب الهيكل ترجح أكثر فأكثر أن العنصر اليهودى الدخيل كان موجودًا في المنطقة قبل الميلاد وقبل خراب الهيكل وقبل تنكيل هدريان باليهود في فلسطين.

ذلك أن قصة هجرة أجداد الأوس والخزرج من اليمن إلى منطقة الحجاز عقيب انهيار سد مأرب وسكناهم إلى جانب اليهود في يثرب وصراعهم معهم حتى تغلبوا عليهم تكاد تكون (بين عامة المؤرخين) من الأخبار المتواترة.

فهذه القصة - مع افتقارها إلى التحديد الدقيق في الوقت بالسند الصحيح - هي على كل حال ترجح كفة القائلين بوجود اليهود في المنطقة قبل الميلاد أكثر من كفة القائلين بأنهم لم يهاجروا إلى خيبر وباقي المناطق إلا بعد خراب الهيكل وهو ما قال الدكتور جواد على أنه يستند إلى أساس صحيح.

نقول هذا لأنه يكاد يكون من المتواتر أن انهيار سد مأرب في اليمن وهجرة الأوس والخزرج إلى الحجاز وتصارعهم مع اليهود في يثرب إنما كان قبل خراب الهيكل بعشرات السنين، إذ أنه كان على أقل تقدير في أوائل السنة الميلادية.

وهذا يعني أن اليهود كانوا موجودين في خيبر ويثرب قبل الميلاد، لأن سلطان اليهود الدخيل لا يمكن أن يكون على تلك القوة في المنطقة إلا بعد أن يكون قد مر عليهم عشرات السنين قبل الميلاد .. إذ لم يكن هناك خلاف بين المؤرخين في أن الأوس والخزرج الذين هاجروا من اليمن في أوائل القرن الميلادي الأول إلى الحجاز قد وجدوا اليهود هناك وظلوا ينازعونهم السلطان عشرات السنين حتى تغلبوا عليهم في يثرب .. وهذا (دونما شك) يرجح ما ذهب إليه المؤرخون الإسلاميون من أن اليهود قد استوطنوا خيبر ويثرب إما عقيب وفاة النبي موسى - عليه السلام - وإما في عهد الملك (النبي)

<<  <  ج: ص:  >  >>