الصباح. وكان اليهود (حتى اليوم الذي وصل فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - مشارف خيبر) يَصْحَون من نومهم قبل الفجر فيرتدون أسلحتهم لأنهم كانوا يتوقعون أن يقوم المسلمون بمهاجتهم في أية لحظة وكانوا فوق ذلك يستعرضون المقاتلين اليهود كل يوم استعدادًا للمواجهة وتقوية لقلوبهم إلا أن الله تعالى أخذهم بالنوم ليلة وصول النبي - صلى الله عليه وسلم - بجيشه، فلم يلبسوا السلاح كعادتهم، قبل الفجر، بل ناموا ولم يتحركوا، ولم يصح لهم ديك حتى طلعت الشمس، فأصبحوا وأفئدتهم ترجف، ولم يشعروا إلا وجيش الإسلام أمام حصونهم.
فقد فتحوا الحصون صباح ذلك اليوم وغدوا إلى أعمالهم معهم المساحى والكرازين والمكاتل متجهين نحو مزارعهم، فلما رأوا المسلمين صاحوا (في جزع): محمد والخميس، ثم ولوا هاربين إلى حصونهم. فلما رآهم النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: -مبشرًا بالفتح- "الله أكبر خربت خيبر إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين".
[لا تمنوا لقاء العدو]
ومن الآداب والمواعظ الحربية التي وجهها النبي القائد - صلى الله عليه وسلم - إلى جيشه، هو أنه عند الهجوم قال - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه (وكأنه لحظ عليهم التلهف للقتال): لا تمنوا لقاء العدو، واسألوا الله العافية فإنكم لا تدرون ما تبتلون به، فإذا لقيتموه، فقولوا: اللهم أنت ربنا وربهم، ونواصينا ونواصيهم بيدك، وإنما تقتلهم أنت.
ثم علمهم بعض أساليب الحرب ساعة الالتحام، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "ثم الزموا الأرض جلوسًا، فإذا غشوم فانهضوا وكبروا".
[كيف بدأ القتال]
تنقسم مدينة خيبر (يوم فتحها) إلى شطرين في كل منهما عدة حصون وقلاع حربية، إلا أن أهم هذه القلاع والحصون ثمانية يقع منها خمسة في الشطر الأول من خيبر، وحيث دارت أعنف المعارك بين المسلمين