للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفائقة والكرم العظيم. حتى قيل إنه ليس أحد أقرب إلى أخلاق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من ابن عمه جعفر بل إنها لحقيقة. . أكدها الرسول - صلى الله عليه وسلم - بقوله يخاطب جعفرًا (وكان معه في عمرة القضاء): "أشبهت خَلقى وخلقى" (١).

ولم يقم النبي - صلى الله عليه وسلم - لأحد جاء من سفر إلا لجعفر بن أبي طالب. الذي قام له عند عودته بالمهاجرين من الحبشة، وقبل ما بين عينيه. وحجل (٢) فرحا بقدومه (٣). . وهذا يدلّ على علو منزلة جعفر ومكانته العالية في نفس النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وبعض الصحابة يرون أن جعفر بن أبي طالب أفضل الناس بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. . فقد روى الإِمام أحمد بإسناد جيد عن أبي هريرة أنَّه قال: ما احتذى النعال ولا انتعل، ولا ركب المطايا، ولا لبس الثياب من رجل بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أفضل من جعفر بن أبي طالب (٤).

[بكاء الرسول لموت جعفر]

وقد حزن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ابن عمه جعفر حزنا شديدا. فقد تأثر لمقتله إلى حدّ أن صار يذرف الدموع حزنا عليه. . وذهب بنفسه إلى بيت جعفر لمؤاسات أهله وأبنائه وكانوا أطفالًا صغارًا.

فقد روى المؤرخون عن أسماء بنت عميس زوج جعفر بن أبي طالب أنها قالت: أصبحت في اليوم الذي أصيب فيه جعفر وأصحابه فأتانى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولقد هيأت أربعين منا (٥) من أدم (٦)، وعجنت عجينى وأخذت بني فغسلت وجوههم ودهنتهم.


(١) البداية والنهاية ج ٤ ص ٢٥٦.
(٢) حجل: مشى على رجل واحدة. والعرب يفعلون ذلك تعبيرًا عن الفرح.
(٣) البداية والنهاية ج ٤ ص ٢٥٦.
(٤) البداية والنهاية ج ٤ ص ٢٥٦. وقال ابن كثير تعقيبًا على هذا الحديث: "إسناده جيد، وكأنه إنما يفضله في الكرم، فأما الفضيلة الدينية فمعلوم أن الصديق والفاروق بل وعثمان بن عفان أفضل منه، وأما أخوه على - رضي الله عنهما - فالظاهر أنهما متكافئان أو على أفضل" أهـ.
(٥) المن: قال في شرح أبي ذر: المن؛ هو الذي يوزن به، وهو الرطل.
(٦) الأدم. قال في النهاية في غريب الحديث ج ١ ص ٢١: ما يؤكل مع الخبز. أي شيء كان.

<<  <  ج: ص:  >  >>