للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان عثمان بن عفان وعلي وأبو دجانة وأيمن بن عبيد يقاتلون بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (١).

[استبسال قائد قبيلة هوازن]

كذلك شهد المؤرخون (نقلًا عن شهود عيان) أن القائد العام لقوات هوازن مالك بن عوف النصرى وقبيلته بني نصر، قد قاتلوا بشراسة وشجاعة وثبات، حتى كادوا أن يفنوا عن آخرهم، ولم ينسحب القائد العام مالك بن عوف من الميدان إلا بعد أن رأى أنه قد فقد السيطرة كليا على جيوشه التي شَتَّتَتها الهزيمة كما تشتِّت العاصفة الورق اليابس ولم يعد لأحد من جنود هوازن ما يهمه سوى النجاة بنفسه، قال الواقدي: واستحر القتل في بني نصر (قوم مالك بن عوف) وفي بني رباب من بني نصر، حتى صار عبد الله بن قيس النصرى -وكان مسلمًا- يقول: يا رسول الله هلكت بنو رباب، فقال اللهم اجبر مصيبتهم.

وقال أبو قتادة رأيت يوم حنين رجلين يقتتلان: مسلما ومشركًا، قال: وإذا رجل من المشركين يريد أن يعين صاحبه المشرك على المسلم. قال: فأتيته فضربت يده, فقطعتها، واعتنقنى بيده الأخرى، فوالله ما أرسلنى حتى وجدت ريح الموت، وكاد يقتلنى فلولا أن الدم نزفه (٢) لقتلنى، فسقط فضربته فقتلته وأجهضنى عنه القتال (أي شغلنى)، ومر به رجل من أهل مكة فسلبه، فلما وضعت الحرب أوزارها وفرغنا من القوم. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من قتل قتيلًا فله سلبه. فقلت: يا رسول الله، والله لقد قتلت قتيلًا ذا سلب، فأجهضنى (٣) عنه القتال؛ فما أدرى من استلبه؟ فقال رجل من أهل مكة: صدق يا رسول الله، وسلب ذلك الرجل القتيل عندي، فأرضه عني من سلبه، فقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: لا والله لا يرضيه منه تعمد إلى أسد من أسد الله، يقاتل عن دين الله، تقاسمه سلبه، أردد عليه سلب قتيله. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: صدق أردد عليه


(١) مغازي الواقدي ج ٣ ص ٩٠٣ تحقيق الدكتور مارسدن جونس طبعة أكسفورد.
(٢) نزفه الدم إذا سال حتى أضعفه فأشرف على الموت.
(٣) أجهضنى عنه القتال: شغلنى وضيق على وغلبنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>