وذلك أن أبا سفيان بن حرب أشرف يوم أحد من على جبل ونادى بأعلى صوته (متحديًا) .. الموعد بيننا وبينكم بدر الصفراء رأس الحول نلتقى، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لعمر بن الخطاب .. قل .. نعم إن شاء الله. فافترقوا على ذلك.
وقد أخذ الفريقان يستعدان لخوض معركة ثانية في بدر، وكان المتوقع أن تكون رهيبة أعنف من معركة بدر الأولى لضخامة القوات التي كان الجانبان قد جهزها لخوضها، لولا أن أبا سفيان قائد عام جيش مكة قد تخاذل وجبن عن اللقاء بعد أن فصل من مكة (في اتجاه بدر) بجيش بلغ عدد رجاله ثلاثة آلاف مقاتل، فرجع بهذا الجيش إلى مكة قبل أن يتجاوز منطقة القضيمة (١).
أما جيش المدينة الذي بلغ ألفًا وخمسمائة مقاتل فقد تحرك من المدينة يقوده النبي - صلى الله عليه وسلم - بنفسه في اتجاه بدر وواصل زحفه حتى نزل بدرًا وعسكر فيها وفاء بالكلمة التي أعطاها النبي - صلى الله عليه وسلم - لقائد عام جيش مكة يوم أُحد.
[مناورة أبي سفيان لتفادي المعركة]
أما أبو سفيان فإنه لما كان هو الذي تحدى المسلمين وطلب منهم تحت تأشير نشوة النصر المؤقت التي أحرزه في أُحد -الموافقة على ملاقاة جيش مكة في بدر، فقد وجد نفسه بعد أن ذهبت عنه سكرة الانتصار المزيف - ملزمًا بأن يفى بوعده فيلاقى بجيش مكة جيش المدينة في بدر وفي الميعاد المحدد.