فالإسلام - إذن - مع رغبته الأَكيدة الملموسة في تحرير الإنسان وحضِّه على تحرير الرقيق في كل مناسبة لا يمكن أن يلغي (من جانب واحد) هذا النوع من الرق الحربى الذي كان المسلمون يقع الكثير منهم في أغلاله بين يوم وآخر في يد الأعداء نتيجة الحرب القائمة بين الإسلام وخصومه سواء داخل الجزيرة العربية أو خارجها (١).
[ليس في الإسلام ما يمنع من الاتفاق على إلغاء الرق]
ويمكننا (من خلال الأنظمة التي وضعها الإسلام لهذا النوع من الرق الوحيد الذي أبقى عليه) أن نستنتج أن هذا الدين لم يكن راغبًا في أن يكون الرق نظامًا أبديًا لا يجوز إلغاؤه.
بل على العكس جعل الباب مفتوحًا لكي يكون من المكن والجائز الاتفاق على قفل منابع الرق نهائيًا، وذلك عن طريق الاتفاقات الدولية العامة أو الجزئية (مثلًا).
بدليل أن هذا الدين لم يجعل استرقاق أسري الحرب أمرًا لا مفر منه (كما هو في الشريعة الموسوية وغيرها هن النظم والشرائع).
بل جعل أمر هؤلاءِ الأَسرى (وهم المادة الوحيدة للرق في الإسلام)
(١) وقال الأستاذ محمد قطب في كتابه (شبهات حول الإسلام ص ٤٥) .. فليس من حسن السياسة أن تشجع عدوك عليك بإطلاق أسراه، بينما أهلك وعشيرتك وأتباع دينك، يسامون الخسف والعذاب عند هؤلاء الأعداء، والمعاملة بالمثل هنا هي أعدل قانون تستطيع استخدامه أو هي القانون الوحيد.