المسلمين معا زاد الطين بلة (كما يقولون) وضاعف من متاعب القيادة العليا في الجيش الإسلامي.
فقد صار هؤلاء المنافقون (وخاصة بعد غدر اليهود واشتداد الحالة على المسلمين) صاروا وبصورة شبه علنية يبثون روح الفزع والتخاذل واليأس داخل صفوف جيش المدينة.
[انسحاب المنافقين من الجيش]
ولم تكتف فئات المنافقين بالإرجاف والسخرية من الإسلام وبث روح الانهزام بين صفوف جيش المدينة، بل لقد ذهبوا إلي أبعد من ذلك حيث أخذوا في الانسحاب والتحريض على الانسحاب من الجيش في ذلك الظرف الدقيق الذي يمر به الكيان الإسلامي كله هادفين من وراء ذلك إلى مساندة الأحزاب وتسهيل مهمتهم بطريق غير مباشر، وتحت ستار حماية منازلهم من غارات يهود بنى قريظة.
ففي تلك الحالة التي بلغ فيها موقف المسلمين الذروة من الحرج، تقدم أحد هؤلاء المنافقين الموجودين في الجيش الإسلامي، فطلب -باسم ملأ من قومه- أن يسمح لهم الرسول القائد - صلى الله عليه وسلم - بالانسحاب من المعسكر المواجه للأحزاب على مشارف الخندق بحجة أنهم بحاجة إلى حماية بيوتهم المكشوفة الواقعة في أطراف المدينة.
وما كان قصد هولاء المنافقين حماية بيوتهم، وإنما قصدهم الفرار ثم بث الفزع وروح الهزيمة والتذمر داخل الجيش الصغير الذي أحاط به عدوه من كل مكان.