قال أوس بن قيظى -أحد بنى حارثة بن الحارث- يا رسول الله، إن بيوتنا عورة من العدو (وذلك على ملأ من رجال قومه) فأذن لنا أن نخرج فنرجع إلى ديارنا، فإنها خارج المدينة.
وقد فضح القرآن الكريم هؤلاء المنافقين، حيث صرح بأن طلبهم الانسحاب من الجيش في ذلك الظرف الدقيق، لم يكن لحماية بيوتهم، وإنما كان القصد منه الفرار وتفتيت وحدة الجيش، وبث مزيد من الخوف والفزع في نفوس الجند، فبيوتهم لم تكن عورة (كما زعموا) وإنما هم كاذبون منافقون لا سيما وأن دوريات المسلمين داخل المدينة قد كلفت بحماية ديار هؤلاء، فقال تعالى:{وَإِذْ قَالتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَاأَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إلا فِرَارًا}(١).
وهكذا ازدادت حالة المسلمين دقة وازداد موقفهم تحرجًا، بعد اكتشاف فئات المنافقين الذين ظهروا على حقيقتهم داخل صفوف الجيش، وصاروا يسخرون من المسلمين ويبثون روح الهزيمة واليأس داخل صفوفهم.
وبالرغم من أن الخندق قد جمد نشاط جيوش الأحزاب، وجعلها عاجزة عن القيام بأي هجوم جدى واسع، فإن النبي كان (وخاصة بعد نقض اليهود العهد وانضمامهم إلى الأحزاب ونجوم النفاق داخل الجيش الإسلامي) يشعر بحراجة مركز جيشه ويخشى عليه -مع قلة رجاله بين