للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اليمين، فإن لم يكن أدهم فكميت على هذه الصفة.

[من التربية النبوية]

وفي مقامه بتبوك أثنى الرسول - صلى الله عليه وسلم - على المتثبتين ونهى عن الخفة والنزق. فقد روى عن ابن عمر أنه قال: فزع الناس بتبوك ليلة (ويظهر أنهم تسابقوا إلى سلاحهم في شيء من التسرع) قال ابن عمر: فخرجت في سلاحى حتى جلست إلى سالم مولى أبي حذيفة وعليه سلاحه، فقلت، لأقتدين بهذا الرجل الصالح من أهل بدر، فجلست إلى جنبه قريبًا من قبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علينا مغضبا فقال: أيها الناس ما هذا النزق ما هذه الخفة ما هذا النزق؟ ألا صنعتم ما صنع هذان الرجلان الصالحان؟ يعنينى وسالما مولى أبي حذيفة.

ولما انتهى صلى الله عليه وسلم إلى تبوك وضع حجرًا قبلة مسجد تبوك بيده وما يلي الحجر، ثم صلى الظهر بالناس، ثم أقبل عليهم فقال: ما ها هنا شام، وما ها هنا يمن (١).

وكان ابن عمر يقول: كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بتبوك فقام يصلى من الليل، وكان يكثر التهجد من الليل، ولا يقوم إلا استاك، وكان إذا قام يصلى صلى بفناء خيمته، فيقوم ناس من المسلمين فيحرسونه. فصلى ليلة من تلك الليالى، فلما فرغ أقبل على من كان عنده فقال: أعطيت خمسا ما أعطيهن أحد قبلي: بعثت إلى الناس كافة، وإنما كان النبي يبعث إلى قومه، وجعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا، أينما أدركتنى الصلاة تيممت وصليت، وأحلت لي الغنائم آكلها، وكان من كان قبلي يحرمونها، والخامسة هي ما هي، هي ما هي، هي ما هي، قالوا: وما هي يا رسول الله فقال: قيل لي سل فكل نبي قد سأل، فهي لكم ولمن شهد أن لا إله إلا الله (٢).

[لا أثر للرومان على الحدود]

من المتفق عليه بين كتاب المغازي وأصحاب السير أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم


(١) مغازي الواقدي ج ٣ ص ١٠٢١ - ١٠٢٢ تحقيق الدكتور مارسدن جونس.
(٢) مغازي الواقدي ج ٣ ص ١٠٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>