أفلتوا من قبضته وشقوا طريقهم عبر صفوفهم نحو الشعب من أُحد حيث يوجد قائدهم الأعلى النبي، بعد أن دفعوا لهذا التخلص ثمنًا قوامه عشرة في المائة من مجموع قواتهم، ففوتوا (بذلك) على قريش أثمن فرصة سنحت لهم للقضاء على الجيش الإسلامي بالإبادة أو الأسر.
وقد اعتبر كثير من العسكريين تمكن المسلمين من كسر الطوقال في ضربه المشركون حولهم وإفلاتهم، نصرًا جديدًا سجله المسلمون واندحارًا ثانيا مُني به المشركون.
[أسباب التماسك بعد الهزيمة]
فما هي الأسباب التي جعلت هذا الجيش الصغير المنكوب ينجو من فناء محقق ويجمع شتاته ويعيد تنظيمه من جديد، ويصمد في وجه جيش مكة (الذي ظن نفسه، بعد الانتكاسة سيد الموقف) ثم يجبره على الانسحاب من ميدان المعركة دون أن يحقق أهدافه، حيث حال بينه وبين تسجيل ما يمكن تسميته انتصارًا؟ يمكننا (من الناحية العسكرية) الإشارة إلى مجمل أسباب ذلك، كما يلي:
١ - القيادة الحكيمة وشجاعة القائد العام
فمما لا جدال فيه أن كل قائد عام مسئول، يعلم تمام العلم، أن مسألة تحطيم جيشه أو تماسكه في مثل تلك اللحظة الحرجة الحاسمة التي مر بها الجيش النبوي في أُحد بعد حادثة الجبل، إنما تتوقف على شجاعة هذا القائد أو تخاذله، فإن تخاذل القائد العام تخاذل جيشه وانهزم، وإن ثبت وصمد، كان جيشه تبعا له في هذا الثبات والصمود.