محمدًا نبي سيملك ما تحويه يد الإِمبراطور في الشام. كان ذا أثر فعّال في نفس سيد قريش أبي سفيان، الأمر الذي جعله يخفف من حدة عداوته للرسول - صلى الله عليه وسلم - كما شهدت بذلك الأحداث فقد كان ما سمع أبو سفيان من الإِمبراطور، هرقل بشأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - سببًا في ملامسة الإِسلام قلب أبي سفيان. وقد عبر عن هذه الحقيقة أبو سفيان بنفسه حين قال (عقب حديثه عن المقابلة التي جرت بينه وبين الإِمبراطور): فما زلت موقنًا أنه (أي النبي - صلى الله عليه وسلم - سيظهر حتى أدخل الله على الإِسلام)(١).
هرقل يتسلم الدعوة من الرسول إلى الدخول في الإِسلام
وذكر عامة المؤرخين وأهل الحديث. أن هرقل - بعد الاستجواب الذي أجراه بنفسه مع سيد قريش أبي سفيان بن حرب وعرف على أثره أن محمد بن عبد الله هو النبي الذي يجدونه مكتوبًا عندهم في الإِنجيل - قرر في نفسه أن يتبع الرسول - صلى الله عليه وسلم - ويؤمن به. بل قرر أن يقنع أهل الحل والعقد في إمبراطوريته، وخاصة رجال الكنيسة الذين يعلمون علمه، بأن يؤمنوا بالرسول محمد - صلى الله عليه وسلم -.
إلا أن (هرقل) مع رغبته الملحة في تحقيق هذا الأمر العظيم، كان يتوقع معارضة خاصته ومستشاريه وكبار رجال دولته - حفاظًا على مراكزهم المتازة التي يتمتعون بها في الإِمبراطورية.
وبينما عظيم الروم هرقل نهبًا للقلق بين الإقدام والإِحجام. كيف يفاتح كبار دولته بالدعوة إلى اتباع النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - الذي لم يعد لديه أدنى ريب في أنه هو الرسول الذي بشرت به التوراة والإِنجيل. كيف يواجه معارضة خاصته ومستشاريه من رجال الكنيسة وقادة الجيوش، والتي قد تؤدى إلى خلعه من على كرسى الإِمبراطورية أو قتله .. بينما هو هكذا نهبًا لهذه الهواجس، إذا برئيس حرسه يقطع عليه تفكيره حين دخل عليه وخلفه دحية الكلبى مبعوث النبي الخاص يحمل إلى هرقل الخطاب الذي يدعوه فيه الرسول
(١) البداية والنهاية ج ٤ ص ٢٦٥ نقلا عن صحيح البخاري.