والسخرية والاستعداءِ والتنفير التي كانت تقوم بها داخل مكة - فقد ظل النبي - صلى الله عليه وسلم - ثابتًا علي دعوته لم يتزحزح.
فبدلا من أَن ينكمش نشاط دعوته ويتلاشي داخل مكة (كما كانت تطمع قريش) نقل هذا النشاط إِلي خارج النطاق القرشي، حيث أَخذ في الاتصال بوفود الحجيج من مختلف قبائل العرب التي كانت كلها يوم ذاك علي دين الوثنية، وصار يشرح لهم دعوته وأَهدافها ويدعوهم إلي اعتناق الإِسلام.
[برلمان مكة يجتمع]
وهنا اتسع نطاق دائرة الخطر بالنسبة لمركز قريش الروحي الممتاز بين العرب، فقد خافت قريش مغبَّة تزايد هذا النشاط النبوي بين وفود الحجيج، ولذلك سارع زعماءُ مكة إِلي الاجتماع في برلمان قريش (دار الندوة) للتشاور فيما يجب اتخاذه من وسائل فعالة يضعون بها حدًّا للنشاط المتزايد الذي يقوم به صاحب الدعوة الجديدة النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - مما اعتبروه خطرًا علي دينهم وشتمًا لآلهتهم.
وقد استعرض المجتمعون الموقف من جميع نواحيه وناقشوه مناقشة طويلة واستمعوا إِلي مختلف الحلول والاقتراحات التي تقدم بها بعض الرؤساءِ والقادة.
وكان أَول الخطباءِ في (برلمان مكة) الوليد بن المغيرة المخزومي الذي تحدث إلي المجتمعين قائلًا:
يا معشر قريش إِنه قد حضر هذا الموسم (يعني الحج) وإِن وفود العرب ستقدم عليكم فيه، وقد سمعوا بأَمر صاحبكم هذا (يعني النبي - صلى الله عليه وسلم -)، فأجمِعوا فيه رأْيًا واحدًا ولا تختلفوا فيكذّب بعضكم