للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولقد حدث من البطارقة وبقية وجوه الدولة ما كان يخشاه ويتوقعه الإِمبراطور (هرقل) فما كاد يكمل حديثه بشأن النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى علاهم الغضب جميعًا، فثارت ثائرتهم وأضمروا الشر للإمبراطور. حيث كان جوابهم على دعوته الخيِّرة. أن نفروا منه وحاصوا من القاعة حيصة الحمرُ الوحشية من شدة الغضب لما سمعوا من الإِمبراطور واستبقوا الأبواب ليخرجوا احتجاجًا على ما سمعوا من دعوتهم إلى ترك دينهم (١).

غير أنهم وجدوا الأبواب مغلقة وعليها الحراس في كامل أسلحتهم فمنعوهم من الخروج، فازداد غضبهم وعادوا إلى قاعة الاجتماع ليبلغوا الإِمبراطور احتجاجهم.

تراجع هرقل خوفًا على ملكه

وعندما رأى الإمبراطور أن هؤلاء (كلهم يمثلون أركان دولته) قد رفضوا بالإِجماع دعوته وأَضمروا له الشر خاف على نفسه، فلجأ إلى ملاينتهم ليتجنب شرَّهم. فخاطبهم قائلًا (يا معشر الروم إني قد قلت لكم المقالة التي قلت، لأنظر كيف صلابتكم على دينكم لهذا الأمر الذي قد حدث، وقد رأيت منكم الذي أسر به فسجدوا له ورضوا عنه. ثم أمر بأبواب الدسكرة ففتحت لهم فانطلقوا" (٢).

الأسقف الذي قتله بطارقة هرقل لإِعلانه الإِسلام

ولم تكن محاولة الإِمبراطور هرقل تلك التي حاول بها إقناع قومه باتباع الرسول - صلى الله عليه وسلم - المحاولة الوحيدة، فقد روى ابن كثير في البداية والنهاية ج ٤ ص ٢٦٧. أن الإِمبراطور بعد أن تسلم كتاب الرسول - صلى الله عليه وسلم - المتضمن دعوة الروم إلى الإِسلام. استدعى أسقفًا كبيرًا (اسمه صفاطر) وأطلعه على مضمون الكتاب النبوي ثم طلب منه أن يبدى رأيه قائلًا: فما تأمرنى؟ فقال الأسقف: هو والله الذي بشر به موسى وعيسى الذي كنا ننتظر. أما أنا فإني


(١) البداية والنهاية ج ٤ ص ٢٦٦ نقلًا عن صحيح البخاري.
(٢) تاريخ الطبري ج ٢ ص ٦٥٠ والأغاني للأصفهاني ج ٦ ص ٣٤٨ - ٣٤٩ والبداية والنهاية ج ٤ ص ٢٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>