يبقيه على حلفه، شريطة أن يغادر مكة. وفعلًا خرج من مكة ولحق بالملك النعمان بن المنذر بالحيرة في العراق فأقام عنده وهو على حلفه مع حرب بن أمية.
[سوق عكاظ هي السبب]
كانت سوق عكاظ من أشهر الأسواق بين العرب لا في الجزيرة العربية وحدها، بل في الشرق الأدنى كله، وكانت هذه السوق تبدأ بأول ذي القعدة من كل عام ولا تزال قائمة يبيع الناس ويشترون فيها ويتعاكظون إلى أن يحضر الحج. وعكاظ تقع ما بين نخلة (وادي اليمانية والطائف). فهي (أصلًا) في ديار هوازن.
وكان الملك النعمان بن المنذر يغتنم فرصة سوق عكاظ فيبعث من كل سنة قوافل محملة بمختلف السلع والبضائع إلى هذه السوق، لتباع هذه البضائع والسلع، ويُشترى بثمنها من منتوجات البلاد العربية، وبضائع أخرى مما يرد إلى سوق عكاظ.
وفي تلك السنة التي نشنبت فيها حرب الفجار، أوقر الملك النعمان قافلة كبيرة من الجمال بمختلف السلع والبضائع، وقرر أن يبعث بها (كالمعتاد) إلى سوق عكاظ، وبحث عمن يجيرها في بلاد العرب حتى تعود من عكاظ إلى الحيرة. فقال البراض أنا أجيرها. فقال له النعمان (وكان يعرف أنه خليع وأنه ليس من قيس): إنما أريد رجلًا يجيرها على أهل نجد. فقال عروة الرحال ابن عتبة بن جعفر بن كلاب (وهو من هوازن): أنا أجيرها أبيت اللعن. فقال له البراض (وهو من كنانة): أتجيرها على كنانة؟ قال: نعم وعلى الخلق كله، أفكلب خليع يجيرها؟ يعرّض بالبراض بن قيس. وكان عروة الرحال في أعز قبيلة نجدية هوازنية، وهي بنو عامر بن صعصعة. فقبل الملك النعمان بجوار عروة، فشخص عروة بقافلة الملك النعمان، فاجتاز بها حدود الجزيرة العربية. وكان البراض بن قيس يتعقب عروة الرحال، فيعرف عروة ذلك فلا يخشاه.
وحتى إذا ما تخطى عروة بالقافلة أكثر بلاد نجد، وفي مكان من أرض