للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لهذا فإن سعدًا قد امتلأ (يوم ذاك) غيظا على هؤلاء اليهود الخونة الأراذل، وكان يتمنى أن يشفى الله غليله منهم، ولهذا فإنه لما جُرِحَ ذلك الجرح المميت يوم الخندق توجّه إلى الله بالدعاء أن لا يميته حتى ينتقم من هؤلاء الخونة المجرمين.

فقد روى الإمام أحمد في مسنده عن جابر بن عبد الله أنه قال .. رُمِيَ سعد بن معاذ (١) فقطعوا أكحله (٢) فحسمه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالنار فانتفخت يده، فحسمه أخرى فانتفحت يده فنزفه، فلما رأى ذلك، قال .. اللهم لا تخرج نفسي حتى تقرّ عينى من بني قريظة, فاستمسك عرقه، فما قطر قطرة حتى نزلوا على حكم سعد فحكم أن تُقْتَل رجالهم وتسبى نساؤهم وذراريهم، فلما فرغ منهم انفتق عرقه فمات.

وهكذا فإن حُكْم سعد على هؤلاءِ اليهود إنما جاءَ بعد دراسة وإلمام كامل بنفسيات هؤلاءِ اليهود واقتناع بأَنهم (بعد خبرة وتجربة عاشها سعد معهم ولمسها فيهم) جرثومة وباءٍ قاتلة لا مفرَّ من إبادتها.

[تنفيذ حكم الإعدام في اليهود]

وبعد أن تمت إجراءات الحكم في بني قريظة (وكان ذلك في ديارهم) تحرك النبي - صلى الله عليه وسلم - بجيشه نحو المدينة فدخلها، وكانت


(١) انظر ترجمة سعد بن معاذ كتابنا (غزوة بدر الكبرى).
(٢) الأكحل (بفتح الألف وسكون الكاف وفتح الحاء المعجمة) عرق في الذراع من الشرايين الرئيسية.

<<  <  ج: ص:  >  >>