لعلنا هنا (وعلى ضوء هذه الحقائق) لسنا بحاجة إلى القول: أن العقيدة المستقيمة الحقة الراسخة التي كان المحارب المسلم يلتزم بها ويقاتل (بصدق ووفاء) تحت لوائها هي التي قلبت موازين القوى في معركة خيبر وكانت العامل الحاسم الأول في انتصار تلك القلة المسلمة القليلة على تلك الكثرة اليهودية الغامرة التي (مع كثرتها) العددى تتفوق تفوقًا ساحقًا في كل شيء مادى يحتاجه المحارب.
[دروس في معركة خيبر]
إن في طيات تفاصيل (معركة خيبر الحاسمة) من نماذج البطولة والتضحية وزخم العقيدة وصدق الجهاد وقوة الإِيمان ما يجب أن يتفهمه ويعيه ويجعله شعاعًا يستضئ به على دروب الجهاد وصون الكرامات واستعادة الحقوق المسلوبة كل الذين تضع الأقدار في أيديهم مسؤولية حماية الأمة وغسل العار الذي لحق بها ولطخ جبينها ودنّس مقدساتها وأذل كرامتها بأيدى اليهود اليوم.
لقد التحم في معارك خيبر ألف وأربعمائة من أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - بعشرة آلاف يهودى كانوا يتحصنون في قلاع منيعة وحصون عالية، وتساندهم (كقوات احتياطية) حوالي خمسة آلاف مقاتل من أعراب نجد ذوي القوة والشجاعة والبأس، واستمرت المعارك كأعنف ما يكون طوال شهرين كاملين.
كان اليهود -كما قلنا - يتفوّقون على المسلمين في كل شيء مادى، القوة البشرية .. السلاح .. التموينات .. الاستراتيجية، والتكنولوجيا أيضًا، إذا صح هذا التعبير.
وكان المسلمون (مع هذا التفوّق اليهودى الساحق) مكشوفين أمام حصون اليهود ومستعمراتهم المحصنة أحسن تحصين.
ومع ذلك فقد كان النصر في النهاية للمسلمين على اليهود الذين قاتلوا المسلمين داخل قلاعهم وخارجها قتالًا شرسًا ضاريًا لم يعهد المسلمون مثله