للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقد كان الجيش الإِسلامي - بالإِضافة إلى قلة عدده - ليس لديه أية أسلحة وقائية كبيرة كالدروع الضخمة، وهي صفائح كبيرة من الحديد تبلغ عدة أمتار وتسمى في ذلك العصر بـ (الدبابات) لأن الجنود يحتمون بها ويدبون خلفها وهم يهاجمون القلاع والحصون.

بل إن أغلبية الجيش النبوى ليس لديهم الدروع العادية التي يلبسها المحارب العادى ساعة القتال حيث كان أكثرهم حاسرًا. وكانوا مع ذلك يقومون بالهجوم وهم مكشوفون أمام حصون اليهود وقلاعهما.

كذلك ليس لدى الجيش النبوى الصغير أي شيء من الأسلحة التدميرية الثقيلة التي لا بد من توفّرها لدى من يريد مهاجمة مثل حصون اليهود في خيبر .. كالمنجنيقات القاذفات بالنار والراجمات بما يخرّب الحصون. وهي أسلحة معروفة في ذلك العصر وخاصة لدى الرومان والفرس. وكان لدى اليهود أنفسهم كميات منها استولى عليها الجيش الإِسلامي، ثم استخدموها لضرب بعض الحصون التي كانت آخر ما فتح في خيبر.

وهكذا فقد كان كل شيء (حسب المقاييس المادية والتقديرات العسكرية المجرّدة) يشير إلى أن يهود خيبر سيتمكنون - بكل سهولة - من دحر المسلمين والتغلب عليهم، عندما يقومون بالهجوم.

لأن كل الأسباب والوسائل المادية وغير المادية التي يحتاجها المحارب أحصسب النصر كانت متوفرة (تمامًا) لدى هؤلاء اليهود.

ولكن الذي حدث هو العكس وهو انتصار المسلمين القلة القليلة التي ينقصها كل شيء مادى علي الكثرة اليهودية الغامرة التي توفرت لديها كل الإِمكانات المادية لكسب النصر.

فكان ذلك مفاجأة مذهلة أبطلت المقاييس العسكرية التقليدية. وأثبتت (عمليًّا) أن القوة الحربية (مهما عظمت) ليست وحدها كافية لسب الصر في المعارك.

كما أثبتت انتصار المسلمين على اليهود في خيبر أن النقص في السلاح والعتاد، والقلة في عدد الرجال لا يكونان - دائما وفي كل الأحوال -

<<  <  ج: ص:  >  >>