وكان عبد الله بن أبي ربيعة والحارث بن هشام من كبار سادات المشركين، وكانا يخشيان على أنفسهما القتل بعد أن استسلمت مكة، فدخلا على أم هانئ بنت أبي طالب فاستجارا بها، فأجارتهما، وكان علي بن أبي طالب يبحث عنهما ليقتلهما. وعندما وجدهما في بيت أخته حاول قتلهما فمنعته، ثم استصدرت عفوًا خاصًّا لهما من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
قالوا: وكانت أم هانئ بنت أبي طالب تحت هبيرة بن أبي وهب المخزومي، فلما كان يوم الفتح دخل عليها حموان لها، - عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي، والحارث بن هشام - فاستجارا بها، وقالا: نحن في جوارك، فقالت: نعم، أنتما في جوارى. قالت أم هانئ: فهما عندي إذ دخل على فارسًا مدججا في الحديد، ولا أعرفه، فقلت له: أنا ابنة عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قالت: فكشف عنى وأسفر عن وجهه، فإذا هو على - عليه السلام -، فقلت: أخي، فاعتنقته وسلمت عليه، ونظر إليهما فشهر السيف عليهما، قلت: أخي من بين الناس يصنع بي هذا، قالت وألقيت عليهما ثوبًا، وقال: تجيرين المشركين؟ وحلت دونهما فقلت: والله لتبدأن بي قبلهما. قالت: فخرج ولم يكد، فأغلقت عليهما بيتًا، وقلت: لا تخافا.
قالت: فذهبت إلى خباء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالبطحاء فلم أجده، ووجدت فيه فاطمة فقلت: ماذا لقيت من ابن أمى على؟ أجرت حموين لي من المشركين فتفلت عليهما ليقتلهما، قالت: فكانت أشد على من زوجها وقالت: تجيرين المشركين؟ قالت: إلى أن طلع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعليه رهجة الغبار (١). فقال: مرحبًا بفاختة أم هانئ، وعليه ثوب واحد. فقلت: ماذا لقيت من ابن أمى على؟ ما كدت أنفلت منه، أجرت حموين لي من المشركين فتفلت عليهما ليقتلهما. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما كان ذاك، قد أمنا من أمنت وأجرنا من أجرت، ثم أمر فاطمة فسكبت له غسلًا فاغتسل ثم صلى ثمان ركعات في ثوب واحد
(١) الرهجة (بالتحريك مع فتح الراء) آثار الغبار .. كذا قال في القاموس المحيط.