للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طلبت منهما أن لا ينظرا إليها قائلة: أعرضا عنى -لئلا ينظرا إلى شعر رأسها- فأعرضا عنها. وهنا حلت قرون رأسها ثم استخرجت الكتاب فدفعته إليهما. فعادا به إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. أما هذه المرأة الجاسوسة فقد جاء في كتب السيرة أن عليًّا والزبير خليا سبيلها ولم يلقيا عليها القبض وذلك حسب تعليمات الرسول - صلى الله عليه وسلم - (١). وبهذا أحبطت عملية التجسس الخطيرة التي شرع في ارتكابها حاطب بن أبي بَلتَعة ضد نبيّه وضد أمته. وهي عملية لو نجحت لتنبهت قريش واستعدت لمواجهة الغزو الذي أراد الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يفاجئها به. الأمر الذي قد يؤدى إلى نشوب معارك ضارية وإزهاق أرواح كثيرة من الفريقين يحرص الرسول - صلى الله عليه وسلم - على أن لا يراق منها شيء.

[النبي يحقق مع حاطب بن أبي بلتعة]

وقد استدعى الرسول - صلى الله عليه وسلم - حاطب بن أبي بلتعة لاستجوابه والتحقيق معه بشأن تلك الرسالة التي كتبها لقريش وضبطها الزبير وعلي مع الجاسوسة سارة.

فعندما مثل حاطب بين يدي الرسول - صلى الله عليه وسلم - أبرز الرسول - صلى الله عليه وسلم - الرسالة التي كتبها حاطب وقال له: أتعرف هذا الكتاب فلم ينكر بل قال: نعم. فقال له الرسول - صلى الله عليه وسلم -: ما حملك على هذا؟ فقال: والله إننى لمؤمن بالله ورسوله ما غيَّرت ولا بدلت ولكنى كنت امرأ ليس لي في القوم من أصل ولا عشيرة، وكان لي بين أظهرهم ولد وأهل. وكان من معك من المهاجرين لهم قرابة يحمون أموالهم وأهليهم بمكة، ولم يكن لي قرابة، فأحببت أن أتخذ فيهم يدًا أحمى بها أهلى. فما فعلت ذلك كفرًا بعد إسلام، وقد علمت أن الله تعالى منزل بهم بأسه لا يغنى عنهم كتابي شيئًا (٢).


(١) انظر مغازي الواقدي ج ٢ ص ٧٩٨ وصحيح البخاري ج ٥ والسيرة الحلبية ج ٢ ص ١٩٩ والبداية والنهاية ج ٤ ص ٢٨٣.
(٢) السيرة الحلبية ج ٢ ص ٢٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>