وقد استغرق التحرك بالجيش من المدينة عشرة أيام. بعدها وصل ابن العاص بجيشه إلى أطراف ديار الأعداء فنزل على ماء يقال له: السلاسل. والذي سميت هذه الغزوة باسمه.
[ابن العاص يطلب النجدة من المدينة]
وكان القائد عمرو بن العاص قد بعث أمامه برجال من استخبارات الجيش متنكرة لتختلط بالعدو في دياره وأماكن تحشداته لتعرف مدى قوته وحقيقة نواياه. ثمَّ تقدم للقائد عمرو تقريرًا مفصلًا عن ذلك. ليكون تصرفه العسكري ضد هؤلاء الأعداء مضمون العاقبة.
وقد قام رجال استخبارات الجيش بمهمتهم خير قيام. فتمكنوا من الوصول إلى ديار قضاعة وبلى وأحلافهم من الأعداء واختلطوا بهم داخل معسكراتهم دون أن يشعروا بهم. ثمَّ عادوا إلى قائد الجيش عمرو بن العاص وقدموا له تقريرا شفويا مفصلًا عن تجمع هؤلاء الأعراب ومدى قوتهم وأماكن احتشادهم.
فاتضح للقائد عمرو من هذا التقرير أن قضاعة وبلى وأحلافهم من عذرة والقين هم في جموع كبيرة لا تكفى القوة التي يقودها عمرو بن العاص لمصادمتهم.
لذلك قرر القائد عمرو التريث وعدم التعجل في الهجوم على القوم حتى يكتب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يطلب منه المدد. ثمَّ أمر جيشه بالتراجع قليلًا عن ديار القوم والاختفاء لئلا يشعروا بعمرو وأصحابه حتى تأتى النجدة من المدينة.
ولشدة حرص القائد عمرو على إخفاء وجوده وجيشه عن أنظار الأعداء في ذات السلاسل أمر بأن لا يشعل أحد النار في الليل. لئلا يكتشفهم العدو وكان الوقت شتاءًا والبرد قارصا. فحاول بعض الصحابة من جنود عمرو أن يشعل النار للتدفئة في الليل. فمنعهم القائد عمرو من ذلك. فتذمروا وشق عليهم هذا المنع لأنهم كانوا في الشمال وهي منطقة شديدة